إلى النائب إيلي ماروني: هل مطالبتك بتسليم من قتلوا أخيك جريمة/ الياس بجاني

النائب والمحامي في كتلة حزب الكتائب عن زحلة ايلي ماروني هو بالواقع من أكثر النواب اللبنانيين وضوحاً وشفافية ووطنية في مواقفه الجريئة، ونحن كنا ولا نزال من المتابعين باستمرار ورضى كاملين لأنشطته ومواقفه كافة، إلا أننا فوجئنا اليوم بكلام قاله لجريدة السياسة الكويتية لا يشبهه ولا يتماشى مع تاريخه النضالي والقانوني ويتعارض مع كل ما عرّف عنه من تمسك بالحق وبالعدالة، خصوصاً وانه محامي وابن زحلة المقاومة، وأخ لشهيد قاتله لا يزال طليقاُ ودون محاكمة وعقاب، كونه هارباً إلى سوريا نظام الأسد ومحمياً من مخابرات النظام السوري ومن جماعة هذا النظام في لبنان.
النص الحرفي لتصريح النائب ماروني لجريدة السياسة عدد 25 تشرين الثاني/2012 الذي هو موضوع مقالتنا: "وعن موقف حزب الكتائب من كلام الكاردينال بشارة الراعي بشأن المتهمين بجريمة اغتيال الرئيس رفيق الحريري, شدد ماروني على أن حزب الكتائب أكد أكثر من مرة أنه لا تجوز مهاجمة الكاردينال الراعي في وسائل الإعلام ولا يجوز أن نرد عليه بغض النظر عن موقفنا الرافض لما قال، ونحن من أكثر الفرقاء المتمسكين بالمحكمة الدولية لأن لنا فيها ملفات أيضاً، ونحن ننتظر الحقيقة والحق، لذلك نتمنى على الجميع أن يبادروا إلى معاتبة البطريرك أو إلى إبداء ملاحظاتهم على مواقفه في بكركي وليس عبر وسائل الإعلام".
كم كنا نتمنى لو جاء هذا التصريح اللا قانوني والا مسيحي من نائب حزب الكتائب السيد سجعان القزي أو من الوزير الكتائبي السابق سليم الصايغ أو من غيرهما من القياديين في الحزب، أما وإنه جاء على لسان ماروني المحامي وأخ الشهيد وابن زحله فهذا أمر فيه ليس فقط العجب العجاب، بل الحزن والحيرة والاستغراب والاستنكار كون المسيحية الحقة في جوهرها والتي يؤمن بها ويدافع عنها ماروني هي حق وشهادة للحق وجرأة وليس فيها مسايرة أو مداهنة لمقام أو لأي موقع سياسي أو ديني عملا بقول القديس بولس الرسول: "لو أردت أن أساير مقامات الناس لما كنت عبداً للمسيح".
إيمانياً وانجيلياً ووطنياً وحقوقياً وأخلاقياً نلفت العزيز النائب ماروني إلى أن السيد المسيح لم يساير أو يغض الطرف عن ممارسات الذين انتهكوا حرمة الهيكل وحولوه إلى سوق، بل حمل السوط وطردهم علناً ولم يستدعيهم للتحدث معهم في غرف مغلقة، وهو في نفس الوقت لم يساير ولم يتملق رجال الدين من الكتبة والفريسيين الذين كانوا يشوهون المفاهيم الإيمانية ولم يسكت عن أفعالهم بل أنبهم وانتقد أقوالهم وممارساتهم بشدة وعلناً وليس خلف الأبواب المغلقة وشبههم بالقبور وخاطبهم قائلاً وعلناً أيضاً وليس خلف الأبواب المغلقة: "يا أولاد الأفاعي". وهو الذي علمنا قدسية المواقف غير الفاترة والعلنية: "من ليس معي فهو ضدي ومن لا يجمع فهو يبدد"، وهو من قال لنا لا تتلونوا وتطيلوا في الكلام و"ليكن كلامكم بنعم نعم وبلا لا، وما زاد عن ذلك فهو من الشرير". كما أن انجيلناً المقدس يلزمنا أن لا نكون فاترين في مواقفنا، بل شفافين وواضحين كوننا أبناء نور ولسنا أبناء ظلمة: "لأنك لست بارداً ولا ساخنا، بل فاتراً سوف أبصقك من فمي".
يا حضرت النائب المحترم إن الساكت عن الحق هو شيطان أخرس، ومسيحياً من حق أي مؤمن كأن من كان، لا، بل من واجبه الإيماني والأخلاقي والكنسي والإنساني أن ينتقد ويؤنب وعلنية ممارسات وأقوال رجال الدين، كما فعل المسيح، وذلك عندما ينحرفون عن التعاليم الكنسية والإنجيلية ويتخذون مواقف تتعارض مع دعوتهم لأنهم خدام نذروا العفة والطاعة والفقر وقبلوا دعوة الله لهم لحمل الرسالة والبشارة وليس للدفاع عن أو التملق لحكام وملوك الأرض أو احتضان القتلة والمجرمين والوقوف ضد العالية. "لَيسَت مَملَكَتي مِن هذا العالَم. لَو كانَت مَملَكَتي مِن هذا العالَم لَدافعَ عَنِّي حَرَسي لِكي لا أُسلَمَ إِلى اليَهود. ولكِنَّ مَملَكَتي لَيسَت مِن ههُنا".
ونلفت النائب ماروني وكل من يدافع عن مبدأ عدم التضوية علنية على مواقف سيدنا البطريرك الراعي السياسية إلى أن الانتقاد في مفهومه العلمي والقانوني هو غير التهجم، في حين أن الانتقادات التي تتناول سيدنا الراعي علنية هي لمواقفه السياسية والوطنية والقانونية وليس لأمور وشؤون دينية أو كنسية. أي أن غبطته هو من أدخل نفسه علنية وليس من وراء الأبواب إلى زواريب السياسية المحلية والإقليمية، وبالتالي أصبح طرفاً كباقي السياسيين، ومن هنا يأتي حق أي مؤمن ومواطن أن يتعامل مع مواقفه هذه تأييداً أو معارضة.
نسأل بمحبة النائب ماروني إذا كانت مطالبته المستمرة هو شخصياً السلطات اللبنانية باعتقال ومحاكمة من قتل شقيقه هي ممارسات مخالفة للقانون وليست من حقه؟ 
ونسأله أيضاً عن فاعلية سياسة حزب الكتائب القائلة بضرورة عدم انتقاد مواقف الراعي السياسية علنية والتحادث معه في أي شأن من هذا القبيل خلف الأبواب المغلقة؟
عملانياً ومنطقياً نرى في الواقع المعاش أن سياسة الحزب هذه قد أثبتت عدم جدواها وفشلها لأنه ومنذ انتخاب سيدنا الراعي بطريركاً ومواقفه السياسية المحلية والإقليمية تتناقض كلياً مع كل ما يؤمن به ويمثله حزب الكتائب ومعه ثورة الأرز، وسيدنا لم يعد ولو خطوة واحدة إلى الخلف، بل هو مستمر في مواقفه المؤيدة للأسف لمحور الشر السوري والإيراني، وقد توج مواقفه هذه من روما باعتراضه العلني وليس من خلف الأبواب على من يطالبون بتسليم القتلة من أفراد حزب الله للقضاء.
في الخلاصة يا حضرت النائب العزيز نستنتج احتمالين ليسا لصالح سياسة "خلف الأبواب" الكتائبية التي نستغرب أن تدافع عنها أنت شخصياً: أما أن حزب الكتائب لا يناقش سيدنا في شأن مواقفه التي تتعارض مع كل ما هو كتائبي، أو أن سيدنا يسمع للحزب ولا يلتزم. وبالتالي هذه سياسة كتائبية غير مجدية والمطلوب من الحزب تبديلها والتوقف عن التسويق لها.
بمحبة وصدق نطالب النائب ماروني المحامي والشجاع والوطني وأخ الشهيد أن يكون معنا في مقدمة الذين يتعاطون مع مواقف سيدنا الراعي السياسة علنية وليس خلف الأبواب عملاً بقول السيد المسيح: " فما من مستور إلا سيكشف، ولا من مكتوم إلا سيعلم، فكل ما قلتموه في الظلمات سيسمع في وضح النهار، وما قلتموه في المخابئ همسا في الأذن سينادى به على السطوح. (لوقا 12/02-03)

CONVERSATION

0 comments: