غياب عرفات وغياب الوحدة الفلسطينية/ ابراهيم الشيخ

اعترف بأني لست من محبي الرؤساء والملوك وتعليق صورهم على الجدران، ولست كالبعض من الذين يدافعون عن الاشخاص والزعماء والقيادات مها كانت مراكزهم ومسؤولياتهم.
أعترف باني لم اكن من مؤيدي سياسة ياسرعرفات وهذا شيء طبيعي ان يختلف الانسان مع الاخرين في الاراء ويعتقد ويرى ما لا يراه الاخرون، ولكن بلا شك ان الشعب الفلسطيني بأكمله يكِن لياسر عرفات المحبة والتقدير، كان رمزاً في حياته وهكذا سيبقى بعد مماته رمزاً لنضال الشعب الفلسطيني، فهو كان يعبر عن امال اكثرية الشعب الفلسطيني بالرغم من اختلاف الاخرين معه.
كان مخلصا لقضية شعبه، ودائما كان يذكر فلسطين والقدس والاعتزاز باشبال فلسطين الذين تحدى بهم العدو، وبأنهم هم الذين سيرفعون العلم الفلسطيني فوق مأذن وكنائس القدس، كان رجل لكل الاوقات وكان رجل المهمات الصعبة، كان دبلوماسيا بارعاً وسياسياً محنكاً وعسكرياً شجاعا، واهم من ذلك كله كان متواضعا يفترش الارض ليأكل مع رفاق الكفاح، كان لا يعرف النوم لانه قضى معظم اوقاته في الطائرة مسافرا من بلد الى اخر من اجل القضية.
وبغيابه غابت الوحدة الوطنية الفلسطينية وساد الانقسام، ومن ينظر الى الوضع الفلسطيني بعد ثمانية سنوات من غياب الزعيم  ياسر عرفات يتمنى لو كان موجودا ليرى ما حصل لهذا الشعب وفصائله المتناحرة على السلطة الوهمية التي خلقها الاحتلال من اجل الهاء الفلسطينيين، بينما يقوم هذا العدو بنهب الارض الفلسطينية في ظل انقسام  فلسطيني على المناصب والنفوذ.
بلا شك ان الشعب الفلسطيني يفتقد ياسر عرفات الان اكثر من اي وقت مضى، وخاصة لما يمر به الشعب الفلسطيني من تشرذم وانقسام، يفتقده الشعب الفلسطيني لانه كان صمام امان الوحدة الوطنية الفلسطينية.
عندما نتذكر ياسر عرفات في الذكرى الثامنة لاغتياله انما نتذكر رمز الثورة الفلسطينية والكفاح المسلح، وهو الذي عرفه العالم اجمع بكوفيته التي لم تفارق رأسه وسميت على اسمه، ومن خلاله عرف العالم قضية الشعب الفلسطيني، وبلا شك انه قائد تاريخي  وانه  من الرجال الذين يصعب ايجاد شخصا بمواصفاته.
نستذكر ياسر عرفات ونعرف من قتله ونعرف من قتل الشيخ احمد ياسين ونعرف أيضاً  الجهة التي اغتالت ابو جهاد وابو اياد وغسان كنفاني وابو علي مصطفى، ولكن توجد هناك قيادات لا تريد لنا ان نتهم أحدا ولا تريد لنا الانتقام ولا تريد محاكمة القتلة، ولكن تريد لنا الاذعان والسكوت ونسيان الحقوق التاريخية من اجل ان تبقى متربعة على سدة السلطة دون سماع  ما يريده الشعب الفلسطيني.
  ياسر عرفات كان عظيما واراد استرجاع الحقوق الفلسطينية كاملة وكان حلمه اقامة الدولة الفلسطينية كما يحلم بها جميع الفلسطينيين، ولذلك فالمفروض على الذين يمارسون السلطة الان التحلي بما تحلى به عرفات من شجاعة وعمل ودهاء، وهو الذي لم يملك بيتا ولا شركة ولا فيلا ولا قصرا، وهب حياته ووقته لفلسطين، ولم يقض وقته في جمع الاموال والوجاهة كما يتصرف المناضلين الجدد الذي يعملون من اجل مكتسبات خاصة لانفسهم ولعائلاتهم، والقضية تأتي في اخر اهتماماتهم ، فيا ايها القادة كونوا كالقائد ياسر عرفات ولا يكفي وضع صوره في المكاتب وتعليقها على الجدران .
فالقادة الاسرائيليين يتباهون باخلاصهم لدولتهم وعدم التفريطفي  الاراضي التي احتلوها وسرقوها من اصحابها، ولا يريدون ان يكونوا هم الذين يقدمون التنازلات للفلسطينيين، وهم مخلصون لدولتهم وللمبادئ التي رسموها لانفسهم.
بينما يتسابق  بعض القادة الفلسطينيين على التفاوض مع العدو الاسرائيلي ويجري طمأنته على مستقبله وبأنه لن تكون هناك مقاومة وكفاح مسلح، لكي ينام الاسرائيليين بهدوء، ويبدي هؤلاء القادة استعداداتهم لتقديم التنازل تلو التنازل لهذا العدو دون مقابل، وهم يريدون ان يدخلوا التاريخ ولكي ينسب اليهم  قيام الدولة الفلسطينية، ولكن اي دولة هذه التي يتكلمون عنها، فالشعب الفلسطيني يريد وطنا لكل الفلسطينيين وليس دويلة على مقاس هؤلاء الذين يلهثون وراء سراب الوعود الاسرائيلية.

كاتب فلسطيني

CONVERSATION

0 comments: