منذ أمد ليس بالقصير آليت على نفسي أن أمتنع عن كتابة المقالات السياسية بعد الإحباط الذي أصابني وأنا أرى كل ما نكتبه يذهب هباء ولا يجد أذنا حتى ولو كانت صماء تتصنع أنها تسمعه، واكتفيت بالكتابة فقط ساعة يشدني خبر ما لا يمكن المرور عليه مرور الكرام أو السكوت عنه لأنه مر كالسم الزؤام.وبعد الجمع والطرح والضرب والقسمة والتجذير والتدوير ورسم الخطوط البيانية بمساعدة اللوغاريتمات تبين لي أن الأسرة العراقية المؤلفة من خمسة أشخاص سوف تقبض من الحكومة الموقرة مبلغ خمسة وسبعين ألف دينار شهريا وهو مبلغ يساوي بالعملة الصعبة واحد وستين دولارا أمريكيا فقط لتكفيها عيش شهر كامل!
ثم لما عرجت على آخر قرار أصدره المجلس العتيد ذو الرأي السديد والدفاع عن المصالح بوعي شديد وهو القرار القاضي بصرف مبلغ سبعمائة وخمسين ألف دينار عراقي لكل واحد من النواب البالغ عدد (325) نائبا كنثرية قرطاسية لشراء خمسة أوراق يشخبط عليها النائب عندما يضجر من حديث رفاقه الباقين، وجريدة يقتل بها وقت فراغه اللعين، وأعواد لتنظيف الآذان من بواقي حديث اللجان وتنظيف الأسنان مما تبقى بينها من لحم الضأن.
بعد تلك الحسبتين أدركت كم هو تافه هذا الإنسان العراقي المسكين الذي لا زال يفخر بآبائه الذين تركوا له آثار بابل والأسد والثور المجنح والزقورة وهو يرى الإذلال كما لم يره في زمن الطغاة والمتكبرين والمتجبرين والشيطانين الأكبر والأصغر، ألا طاح حظ هذا الزمن الأغبر



0 comments:
إرسال تعليق