حرب اوباما ونتنياهو على الفلسطينيين/ ابراهيم الشيخ

 ان ذهاب الفلسطينيين الى الامم المتحدة  من اجل الحصول على مكانة دولة غير عضو يعتبر خطوة مهمة لتثبيت الوضع القانوني للدولة الفلسطينية، ولكن هذه الخطوة ليست نهاية المطاف، وهي خطوة اقل ما يمكن فعله في ظل الظروف الحالية.
يذهب الفلسطينيون وسط تفاؤل كبير بانهاء الانقسام وتحقيق الوحدة الوطنية، وهناك اجماع من قبل كل مكونات الشعب الفلسطيني على هذه الخطوة المهمة، وعدم الاذعان للضغوطات والتهديدات الاسرائيلية والامريكية الرامية الى عرقلة مساعي الفلسطينيين في الامم المتحدة.
بالرغم من طمأنة رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس الاسرائيليين والادارة الامريكية والاوروبيين والعالم بان السلطة ستعود الى طاولة المفاوضات بعد الحصول على وضع فلسطين دولة غير عضو في الامم المتحدة، وتصريحاته  التي قال فيها بأن الفلسطينيين لا يريدون التصادم مع احد، لا مع امريكا ولا مع اسرائيل، الا ان الهجمة الاسرائيلية ما زالت مستمرة، لانها  ترى في الخطوة تحد من قبل الفلسطينيين الذين يسعون لاثبات حقوقهم التي يعمل الاحتلال على طمسها والتنكر لها.
وتطل علينا دولة الاحتلال بتهديدات وعقوبات من بينها وقف دفع اموال الضرائب وتعقيد حياة الفلسطينيين في الضفة الغربية، واحتمال الغاء اتفاقية اوسلو، وتذهب اسرائيل بعيدا في تهديداتها واجراءاتها العقابية الى حد تفكيك السلطة الفلسطينية والاطاحة برئيس هذه السلطة، وهنا لا بد من التنويه بان اسرائيل هي المستفيد الاكبر من اتفاقات اوسلو، وذلك من خلال خلق سلطة فلسطينية ليس لها سلطة بالفعل، وكذلك انهاء حالة المقاومة في الضفة الغربية، وكأن كل هذا لا يكفيها، وتهدد  أيضاً بإلغاء هذه الاتفاقات كابتزاز للسلطة الفلسطينية من اجل ثناءها عن التوجه الى الامم المتحدة، فالغاء هذه الاتفاقية هو مصلحة فلسطينية، لان اكثرية الشعب الفلسطيني تعارض اتفاقية اوسلو التي لم تحقق اقامة الدولة المنشودة.
 اكثر ما يخيف دولة الاحتلال الاسرائيلي من المسعى الفلسطيني، والذي سيؤدي الى قبول فلسطين كدولة مراقبة هو نيل عضويةمحكمة  الجنايات الدولية، وبالتالي سيكون بمقدور الفلسطينيين معاقبة دولة الاحتلال وقادتها على الجرائم التي ارتكبوها بحق الشعب الفلسطيني.
من ناحية اخرى اسرائيل تسعى الى حل القضية الفلسطينية بمفاوضات ثنائية دون تدخل طرف ثالث أو حتى الاستناد الى مرجعيات الامم المتحدة، لان دولة الاحتلال تخاف القرارات الدولية، وهي تسعى فقط للتوصل الى تفاهمات مع الفلسطينيين تفرضها عليهم، لكي تضمن امنها ومستقبلها، ولكي تحتفظ باكبر مساحة من الاراضي، ولهذا السبب ترفض اللجوء الى مرجعيات الامم المتحدة التي يجب ان يتمسك بها الفلسطينيون.
 اما الموقف الامريكي فهو كما كان دائماً،  موقف داعم لسياسة دولة الاحتلال، ولا شيء جديد على هذا الصعيد، لذلك تقوم ادارة اوباما بضغوط مباشرة على الفلسطينيين من اجل ثنيهم عن الذهاب الى الامم المتحدة، والتهديد بقطع المساعدات واغلاق مكتب المنظمة في الولايات المتحدة، وهذا يدل على ان ادارة اوباما السابقة كما الجديدة لا تختلف في رؤيتها تجاه القضية الفلسطينية، وهناك الكثير من السذج في الوطن العربي من الذين راهنوا على أن ادارة اوباما الجديدة ستكون مختلفة وداعمة للقضايا العربية.
اوباما يدعم ثورات الشعوب العربية وحقوق الانسان والحرية والديمقراطية من جهة، ولكنه من جهة اخرى يستثني الشعب الفلسطيني من هذه الحرية ارضاءاً لدولة مغتصبة لاراضي وحقوق الاخرين، ويتساءل الفلسطينيون لماذا  كلهذا الاجحاف بحقهم، مع العلم ان الإيمان بمبادئ الحرية ونشرها لا تعرف الاستثناءات، وهي حق لكل انسان، ولكن الحقائق التي تتبعها امريكا منافية لهذه المبادئ. 
وها هو اوباما وبفضل الديمقراطية والحرية التي ينكرها على الاخرين قد وصل الى أعلى منصب في اقوى دولة في العالم، فلماذا لا يجلس مع نفسه، ويتذكر من اين اتى اجداده الذين هاجروا الى امريكا من اجل الحياة الافضل والتمتع بالحرية، وما ذنب الفلسطينيون ليقابلوا بكل هذا الاجحاف، وهم الذين يناضلون من اجل العيش بحرية، هم يُعاقبون ويحارَبون من قبل امريكا ومن قبل دولة الاحتلال الصهيوني، ويقوم اوباما بدعم هذه الدولة الصهيونية بجميع انواع الاسلحة، ويكرر التزامه بأمن هذه الدولة.
ويبدو ان وصوله الى سدة الرئاسة قد اعماه عن رؤية الحقائق، فالفلسطينيون هم الذين يحتاجون الى من يطمئنهم على امنهم ومستقبلهم، وهم الذين يدافعون عن انفسهم، وهم الذين يناضلون من اجل حقوقهم والعيش في دولة امنة، وليس الدولة المحتلة التي تفرض الوقائع على الارض من خلال سرقة الاراضي وبناء المستوطنات من اجل إسكان اناس أتوا من جميع اصقاع الارض ليستوطنوا هذه الارض وبالقوة، القوة التي تستمدها دولة الاحتلال من الدعم السياسي والعسكري للادارات الامريكية المتلاحقة، ان ادارة اوباما وغيرها من الادارات السابقة لم تسمح بإدانة الكيان الصهيوني في الامم المتحدة مهما ارتكب من الجرائم بحق الشعب الفلسطيني، وجعلت امريكا من هذا الكيان دولة فوق القانون.
ان الرئيس اوباما الذي حصل على جائزة نوبل من اجل السلام  حتى قبل ان  نرى أو يرى العالم مدى التزامه بتحقيق السلام والعدل، فهو لم يحقق السلام كما وعد خلال فترة ولايته الأولى، ووعوده ذهبت ادراج الرياح، ولم تقم الدولة الفلسطينية، ويساورنا الشك بأنها ستقوم في فترة رئاسته الثانية، لانه ما زال كما هو داعما قويا لدولة الاحتلال، وها هو يهدد ويحذر من ذهاب الفلسطينيين الى الامم المتحدة من اجل الاعتراف بهم كبقية البشر، لأن يكون لهم دولة حرة ومستقلة.

كاتب وصحفي فلسطيني

CONVERSATION

0 comments: