البروفيسور وليد فارس الغني عن التعريف هو من اللبنانيين، لا بل المتكلمين العربية، القلائل الذين توصلوا بالمجهود الشخصي والمثابرة وروح النقد البناء إلى المراكز الأولى في قادة الرأي العالميين وخاصة في الولايات المتحدة الأمريكية.
البروفيسور فارس لم يخف يوما تطلعاته بالنسبة للشرق الأوسط أو لبنان ولا هو حاول أن يغيّر مفاهيمه أو منطلقاته كما يفعل الكثير ممن يريدون الوصول إلى الشهرة. البروفيسور فارس لم يرتهن لأي دولة أو منظمة أو "جهة" لتمويل طرح رأيه على وسائل الاعلام. ولكنه كان باخلاصه ورؤيته وبعد نظره وتفهمه وتفسيره الاكاديمي للأمور ومجريات الأحداث هو ما جعل دور الاعلام ومراكز النشر ومؤسسات الرأي تلجأ اليه للتعليق أو التفسير أو شرح ما يدور من أمور بكثير من العمق والروية وبعد النظر. من هنا كان ضيفا محببا لأعضاء الكونغرس الأميركي أو البرلمان الأوروبي كما هو ضيف دائم على وسائل اعلامية ومؤسسات اكاديمية ومراكز قرار في عدد من دول العالم الحر.
الروفيسور فارس لم يسع إلى منصب أو دور ولا هو يقبل بكل ما يعرض عليه من هذه وتلك لأنه كثير المشاغل والاهتمامات. والبروفيسور فارس لا يتبع لأي تنظيم لبناني أو غير لبناني ولو أن له أفكاره وتصوراته وتعلقه بلبنان والمنطقة وتفهمه لمشاكلها.
البروفيسور فارس الذي رافق الأحداث في لبنان أولا ومن ثم في الولايات المتحدة كانت له مواقف في مواضيع سياسية وكانت له مواقف تعتبر استباقية في مجالات عدة وهو حذّر من أمور كثيرة ونبه من خطورة خطوات كبيرة قبل أن تتخذ وذلك من منحى منطقي ومتفهم لا من توجه عصبي أو انتهازي وصولي. والبروفيسور الذي نشر له مؤخرا اربعة كتب حول مواضيع تعنى بشؤون الساعة على الصعيد العالمي بما فيه الشرق الأوسط وآخرها "الثورة القادمة" والذي تنبأ فيه بما سمي "الربيع العربي" لم يخف تطلعاته ولا هو ساير في مفاهيمه، ومن هنا الاهتمام برأيه على أعلى الصعد والمستويات.
أما ما دفع المرشح الجمهوري رومني وفريقه لاختيار البروفيسور فارس كمستشار في حملته الانتخابية فيما يتعلق بالشرق الأوسط فذلك ليس لكونه سعى لذلك بل لأن الطاقم الذي يعمل مع الحاكم رومني وجد فيه الرجل المناسب وهو لم ولن يجد أفضل منه لهذا الموضوع، ونحن هنا نعتقد بأن البروفيسور فارس بقبوله هذا المنصب سيضيف قيمة وجدّية لحملة رومني أكثر بكثير مما ستعطيه هذه التسمية من أهمية كونها ستضعه في خانة محددة ومحصورة بجهة معينة ولو في أثناء الحملات الانتخابية فقط.
الجهات التي حاولت المس بسمعة البروفيسور فارس منذ تسميته لهذا المنصب ولا تزال مستمرة بذلك وكل مرة من وسيلة اعلامية مختلفة هي نفسها ونجروء على القول بأنها هي من أضرّ الأكثر بمصالح العرب بشكل خاص والمسلمين بشكل عام وجعل صورتهم تتواكب دوما مع الارهاب وتترافق مع الاجرام والتخريب حتى أشمأزت المجتمعات الغربية من هؤلاء وضاقت زرعا بطروحاتهم. ولذا فإن محاربتهم لوجود شخص مهم مثل البروفيسور فارس في منصب استشاري لأحد المرشحين لرئاسة الولايات المتحدة هو من قبيل " البغضة بالقرايب والحسد بالجيران" كما يقول المثل اللبناني، وهو سيزيد من تعلق المجتمع الغربي بأمثال البروفيسور فارس وليس العكس. وإذا كان الفكر القومي السوري أو البعثي هو من لا يزال يقود هذا الرأي بين عرب أمريكا فإنه على العرب أولا والمسلمين المعتدلين، وهم الأكثرية الصامتة، ثانيا أن يتخلصوا من رواسب النازية تلك وينطلقوا نحو المشاركة في صنع القرارات والتحركات الحضارية. وإذا كان الفكر السلفي أو الاخونجي أو الخمينئي أو "كاير" وغيرها من التنظيمات هو من سيستبدل هؤلاء في تحريك الأرض وقيادة الرأي في الجاليات العربية والاسلامية في العالم فإن حركة التطور ستصاب بالشلل لمدة طويلة ولن تلقى هذه الشعوب آذانا صاغية مدة طويلة، فهؤلاء يملؤهم الحقد والتخلف وقصر النظر والانعزالية القاتلة في عالم الانفتاح والتكنلوجيا المتطورة والتي جعلت منه قرية صغيرة.
لن نخوض بالتفاصيل ونشرح كل ما يقال ونرد على من يعتقد بأنه عندما يعين شخص من أصل شرق أوسطي في منصب مهم في بلد مثل الولايات المتحدة الأمريكية يصبح له الحق بابداء الرأي فيه فقط لكونه يعرف الأسم أو قد يكون سمع به ونحن نقول لهؤلاء "حططوا عن بغلتكم" فلا أنتم من يصنع القرار ولا انتم من يؤثر به والأفضل لكم أن تتغنوا بأن أمثال البروفيسور فارس موجودون وقد أثبتوا بأنهم قادرون على الوصول إلى مراكز القرار وهم خير من يعرف كيف توصل الخيوط المقطوعة لا كيف يقطع كل اتصال بكل قوة قادرة ليبقى الشرق الأوسط وشعوبه يدور في دوامة العنف والحقد والرجعية التي لا توصل إلى هدف ولا تروي غليل.
فإذا كانت "العربية" قد نشرت تقريرا عن هذا الموضوع الأسبوع الماضي ومن ثم "الديلي ستار" اللبنانية قبل يومين وبعض المواقع التي تدعي الدفاع عن العرب والمسلمين، فإن ذلك مؤشر بأن هناك من يعتقد بأن وصول البروفيسور فارس هو ضرر على مصالحه لأن الموضوع المطروح هو نفسه ولكن في مواقع جديدة ومن أسماء تبدو مختلفة ولكنها كلها تصب في نفس المكان. فمن يقف خلف هذا الموضوع... "العدو الصهيوني"؟
0 comments:
إرسال تعليق