مناورات في طهران خوفا من السقوط في سورية/ محمد إقبال

استمرار النظام السوري قصف المدنيين خاصة بعد موافقة دمشق على المبادرة العربية التي قضت بوقف العنف ضد المواطنين العزل، يؤكد مرة أخرى أن النظام في سورية وصل إلى نقطة اللاعودة.. وخامنئي الولي الفقيه في إيران حيث يدرك جيدا أن اسقاط النظام في سورية - التي هي في ثقافة الملالي «العمق الاستراتيجي للجمهورية الاسلامية» - سيكون مقدمة لاسقاط نظامه، أمر بصفته القائد العام للقوات المسلحة في إيران بنشر عناصر الاطلاعات المتنكرين بالزي المدني والارهابيين وقطعان من ميليشيات البسيج (التعبئة) سرايا الدراجات النارية في شوراع طهران والمدن الإيرانية الاخرى لإجراء مناورات بعنوان «تمارين لمواجهة التجمعات الاحتجاجية في المدن».
وكان آخر هذه المناورات المتسلسلة وليس أخرها قد جرى في طهران تحت إسم «كتائب الإمام علي» قبل أيام في اكتوبر الماضي، وقالت وكالة أنباء فارس التابعة للحرس الثوري الارهابي الإيراني أن هذه الكتائب «تم تنظيمها لأغراض أمنية بما فيها مواجهة فتن من أمثال فتنة عام 2009» ومعنى الفتنة معروف للجميع في إيران وهي الانتفاضات الشعبية العارمة التي بدأت منذ عام 2009. كما وتفيد الاخبار بأن مناورات مشابهة جرت وتجري في المدن الإيرانية الأخرى، وفي زاهدان (جنوب شرق) «مناورة ضد الإرهاب« وفي إصفهان (مركز) مناورة «الاقتدار» وفي خلخال (شمال شرق) «مناورة بقية الله» ألخ..
ومعروف أن قوات البسيج مشكلة من ادنى مستويات في المجتمع وأكثرها تردي وعناصرها حملة السكاكين والخناجر والهراوات و«القاما» يقومون بتهديد المواطنين وسرقة أموالهم. والآن خامنئي وأمام القوة الكامنة الجماهيرية المحتقنة المستعرة في أوساط المجتمع الإيراني حيث يتخذ الشعب من كل مناسبة ذريعة للاحتجاج والمظاهرات، أدخل البسيج إلى المشهد ليمنع أي تحرك محتمل قد يحدث إثر مد وانتقال التطورات في المنطقة والاسقاط المحتمل للنظام السوري بشكل خاص، إلى إيران.. هذا في حين يعيش هذا النظام ذروة الكراهية دوليا وإقليميا ومثل هذا التحرك قد يؤدي إلى طوي سجل نظام ولاية الفقيه.
وعليه يجب رؤية ودراسة جميع الأفعال وردود الافعال وأي اجراء يتخده خامنئي ونظامه في هذا الاطار. وضمن هذه الاطر تتم تعبئة جهود النظام على كافة الاصعدة امنيا واعلاميا وعسكريا وماليا وداخليا وخارجيا ،ودليلا على قلق ورعب النظام يأتي ما صرحت به وكالة أنباء «فارس» في خبرا لأول مرة حول لقاء أوغلو والديكتاتور السوري، حيث تقول من ضمن ما تقول أنه وفي حال اطلاق اول صاروخ إلى سورية «وفي الساعات الثلاث الثانية!» سيشن النظام الإيراني هذا الهجوم العسكري أو ذاك،وهذا هو ذعر النظام من السقوط. واذا ما نرى الموضوع في هذا الاطار قد نميل إلى تصديق النفي الصادر حول هذه المكالمة من قبل النظام السوري أو الحكومة التركية.
أي إن تسريب مثل هذا الخبر يعود إلى داخل النظام الإيراني وليس خارجه. وفي الحقيقة يعتبر خامنئي أن أمر النظام في سورية أمر محسوم ومحتوم ويبحث عن مناص قد يتمكن بواسطته تأجيل وقوع هذا الرعب العظيم وبالتهديد واثارة الخوف. لإن أي عون يقدمه هذا النظام إلى النظام السوري عليه أن يقدم قبل وصول الأمر إلى هذه النقطة. كما وقدم فعليا كل ما كان بوسعه من تصدير السلاح و ارسال قوات البسيج نفسها إلى سورية وساعدها بما فيه الكفاية استخباريا ، وحتى التعاون في مجال الرقابة على الاتصالات والانترنت.
يعمل نظام ولاية الفقيه كاللصوص وقطاع الطرق، يقوم بتصدير الارهابيين كلما تمكن، وكلما تمكن نفذ عمليات غير علنية وكلما تمكن يقوم بتسريب عملائه إلى العراق ولبنان والبحرين والكويت والسعودية وسائر دول المنطقة وتدريب عملائه فيها مستغلا المشاعر الدينية للمواطنين البسطاء في هذه البلدان. وعن طريق اعمال مثل المخطط الإجرامي لاغتيال سفير السعودية في أميركا وشن حملة تفجيرات هناك يريد بها بث رسالة الخوف والرعب وزعزعة الامن مستفيدا من العناصر المحلية المدربة في قوة القدس الارهابية وسيعلق مسئولية جميع هذه الاعمال الارهابية على عاتق البلدان نفسها أو «الشعوب البطلة!» فيها.
اعتاد هذا النظام دائما على رسم الخطوط في خارج حدوده لكي ينجو من السقوط والهزيمة وليغطي على أزماته الداخلية. وضغوط هذا النظام على معارضته الديمقراطية المتمثلة في المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية وعمودها الفقري منظمة مجاهدي خلق الإيرانية وخاصة ضغوط عملائه في العراق على سكان مدينة أشرف التابعة لهذه المنظمة والمهلة التي حدودوها مهددين باغلاق هذه المدينة بنهاية العام الميلادي الحالي الأمر الذي ينذر بكارثة أخرى انسانية، جميعها تأتي في الاطار نفسه.
ويشعر خامنئي واركان نظامه الآن أنه وفي حال اسقاط النظام في سورية، فان الخط الذي رسموه خارج إيران قد أنهار وعليهم ان يرسموا الخط داخل ايران.
إن قيام النظام بتعبئة ونشر قطعان البسيج في الشوارع متزامنا مع اعدام مئات السجناء سرا حسب التقرير الصادر عن الأمم المتحدة يوم 18 من أكتوبر، يدل قبل كل شيء على خوف نظام ولاية الفقيه من سقوطه الأكيد الذي أصبح يلوح في الأفق المنظور أكثر مما مضى اضافة الى تفاقم الصراع على السلطة داخل النظام وتصاعد الثورات في البلدان العربية وانهيار جبهة النظام في المنطقة. وهنا من اجل خلاص الشعب الايراني والمنطقة باسرها والعالم اجمع من شر نظام ولي الفقيه يتوجب رفع جميع الموانع والقيود عن مقاومة الشعب الإيراني ومساعدتها بأي شكل من الأشكال.
* خبير إستراتيجي إيراني
m.eghbal2003@gmail.com

CONVERSATION

0 comments: