... ضريبة "الأرنونا "المسقفات:- هي ضريبة تفرضها بلدية الاحتلال سنوياً على المقدسيين المفروض مقابل الخدمات المقدمة لهم،وهذه الضريبة تفرض على المباني سكنية وتجارية،بشكل سنوي وهي ليست ثابتة بل متحركة وتزداد عاماً بعد عام،وعدا أنها مفروضة على المقدسيين بغير وجه،ومخالفة للقوانين والأعراف الدولية،فهي من جهة أخرى مرتفعة جداً،وتقديراتها تزيد كثيراً عن حجم دخول المواطنين المقدسيين، بحيث يعجز الكثير من المقدسيين عن دفعها،وخصوصاً أصحاب المحلات التجارية،وفي العادة المواطنين غير القادرين على دفعها تتراكم عليه الأرنونا وتفرض على عدم الدفع والتأخير غرامات مالية،وأحياناً تماطل بلدية الاحتلال في جمعها من أصحاب المحلات التجارية،وبالتالي تقوم بالحجز على محلات المواطنين التجارية وبيعها في المزاد العلني أو الاستيلاء عليها،وكثيراً من المواطنين المقدسيين بسبب القيمة الباهظة لهذه الضرائب اضطروا إلى إغلاق محلاتهم التجارية ونقل مركز حياتهم الى خارج مدينة القدس،أو أنه نتيجة لتلك السياسة المقصودة والمتعمدة جرى الاستيلاء على العديد من المحلات التجارية العربية من قبل الجمعيات الاستيطانية.
وعدم قدرة المواطنين المقدسيين على الدفع لا يعفيهم من الدفع،بل يتم الحجز على أملاكهم وبيوتهم ومحلاتهم،وتتعرض الى أكثر من مرة الى الدهم ومصادرة جزء من ممتلكات البيت او المحل التجاري من أدوات كهربائية وأثاث او بضائع ويجري بيعها في المزاد العلني بثمن بخس لصالح ما يسمى بضريبة الأرنونا،وقيمة ضريبة الأرنونا المفروضة على المقدسيين والتي بالعادة تقدر بالآلاف الشواقل،هي بالعادة تعني أن المواطن مستأجر لبيت أو محله التجاري وليس مالك له،والغرض من هذه الضريبة هو دفع المواطنين إلى ترك المدينة والتخلي عن بيوتهم ومحلاتهم التجارية،حيث أن الضريبة عليها تخضع لتقديرات بأنها مناطق تجارية أو سكنية من الدرجة الأولى كما هو الحال للبيوت والمحلات التجارية في قلب القدس الغربية،وحقيقة الفرق شاسع جداً بين الجهتين،فالخدمات المقدمة لها والبنى التحتية والتسهيلات تزيد عشرات المرات عن الخدمات والتسهيلات المقدمة لمناطق القدس الشرقية من بيوت ومحلات تجارية،فمجموع ما يدفعه المقدسيين من ضرائب يعادل 28 – 30 % من مجموع الضرائب التي يدفعها سكان القدس (يهود وعرب)،وبالمقابل يتلقون خدمات لا تزيد عن 6 %،حيث الجزء الأكبر من الضرائب التي يدفعها المواطنون العرب المقدسيين تذهب الى الاستيطان وأعمال التطوير في القدس الغربية،والمتجول في القدس الشرقية يلمس بأن هناك بعض المناطق في القدس الشرقية من حيث البنى التحتية والمرافق العامة تنتمي الى القرن الماضي،فهناك إهمال متعمد ومقصود.
إن نية بلدية الاحتلال مضاعفة ضريبة الأرنونا على المواطنين المقدسيين يندرج في إطار السياسة الإسرائيلية الرسمية الرامية الى طرد وتهجير المقدسيين خارج مدينتهم،حيث تشن عليهم حرب شاملة في هذا الإطار تطال كل مناحي وشؤون حياتهم،وخصوصاً والأنباء تتحدث عن نية حكومة الاحتلال من أجل أسرلة وتهويد المدينة زرع القدس العربية بعشرات الألآف من الوحدات الاستيطانية،وبما يجعل من الأحياء العربية جزر معزولة في وسط محيط يهودي،وبما يخل في الوضع الديمغرافي في المدينة بشكل كبير لصالح السكان اليهود (88 % يهود و12 % )،والعنصرية في هذا الجانب تتضح بشكل جلي،حيث أن المواطنين العرب في القدس الشرقية،يدفعون ضريبة أرنونا أربعة الى خمسة أضعاف ما يدفعه المستوطنين المقامة مستوطناتهم على الأراضي العربية في القدس الشرقية،ناهيك عن التسهيلات في الدفع والخدمات والمرافق والمباني العامة والبنى التحتية المقدمة والمقامة لهم.
المواطن المقدسي يجد نفسه أمام نزيف مستمر وليس له نهاية،فهو كل يوم يجد نفسه أمام قوانين وممارسات جديدة تستهدف وجوده وصموده في القدس،يجد نفسه أمام حرب شاملة تشن عليه،تفوق قدرته على الصمود والمواجهة منفرداً،بل في الكثير من الأحيان تشل قدرته على التفكير،ويندفع لحل مشاكله وهمومه بشكل فردي في أحيان عديدة تجر عليه الوبال والمصائب،وكل ذلك له علاقة كبيرة في غياب الحاضنة والمرجعية والعنوان القادرة على التعاطي والتجاوب مع هموم ومشاكل المقدسيين الحياتية واليومية.
إن هذه الحرب المعلنة على المقدسيين بحاجة إلى فعل جدي وبناء إستراتيجية فلسطينية موحدة،تقوم على دعم وتعزيز صمود ووجود المقدسيين في مدينتهم،دعم يتجاوز الخطب والشعارات الرنانة وعشرات اللجان والمؤسسات المشكلة باسم القدس فلسطينياً وعربياً وإسلاميا،ولا تقدم للمقدسيين أي دعم فعلي وحقيقي،فالوضع في القدس أسوء بكثير مما يستطيع الناس تحمله،ويصل حدوداً كارثية،فالاحتلال يعمل على كل الجبهات من أجل طرد وترحيل المقدسيين بالطرق القانونية وغير القانونية،ضرائب بمختلف الأشكال والمسميات،خنق اقتصادي وتجاري،زرع وبناء مستوطنات في قلب الأحياء العربية،فرض قيود مشددة وتعجيزية على البناء ومنح التراخيص اللازمة لها،فصل عن المحيط الفلسطيني،إقامة أحزمة استيطانية وجدران عازلة وداخلية،الاستيلاء على البيوت العربية،طرد وترحيل وهدم أحياء بأكملها كما هو الحال في حي البستان في سلوان وحي الشيخ جراح،وعشرات القوانين "القراقوشية" الخادمة لغرض طرد وترحيل المقدسيين.
ومن هنا لا داعي لمواصلة اجترار نفس العبارات والكليشهات،فالمقدسيين لم يتركوا أي طريقة أو وسيلة إلا وخاطبوا بها كل الجهات الرسمية فلسطينية وعربية ودولية،حول ما تتعرض له المدينة المقدسة،فالاحتلال في المرحلة الأخيرة من أجل الاستيلاء عليها،ولا يكفي القول ببطلان وعدم شرعية ما يقوم به الاحتلال من إجراءات وممارسات تغير من الطابع الديمغرافي والجغرافي في المدينة وتخلق وقائع وحقائق جديدة،فالمطلوب الارتقاء الى مستوى المسؤولية والتحدي فلسطينيا وعربيا واسلاميا،وما يحمى المدينة من الضياع ليس المساعدات والمشاريع الإغاثية مع تقديرنا للجهد المبذول هنا،فهناك قطاعات هامة في هذا الجانب صمام الأمان والوجود والبقاء والصمود في هذه المدينة،قطاعي الإسكان والتعليم.فالاحتلال بشتى الطرق والوسائل يحاول تدمير هذين القطاعين،ولذلك نجد القوانين المشددة والتضيق على البناء في القدس،واستهداف التعليم فيها من خلال تحريف وتشويه المنهاج الفلسطيني- أي استهداف الوعي والذاكرة الفلسطينية-،ومنع الطلبة من خارج الجدار من الالتحاق بالمدارس المقدسية،وعدم منح التصاريح اللازمة للمعلمين من الضفة الغربية للتدريس في مدارس القدس،وعدم السماح بإقامة أبنية مدرسية جديدة وغيرها.
الحرب بمضاعفة ضريبة الأرنونا على المقدسيين،هي جزء من سلسلة متصلة من الإجراءات والممارسات والقوانين التي تجبر المقدسيين على ترك وهجران مدينتهم لتسهل السيطرة عليها.
0 comments:
إرسال تعليق