اين اختفت شمس العرب؟/ خليل الوافي

سؤال يطرح نفسه بالحاح في ظل الاوضاع المزرية التي لحقت الدور العربي في صناعة موقف.يظهر للعالم ان العربي..يحفل بمقومات التواجد الفعال على مسرح الاحداث .بدون وصاية من احد.وقادر ان يفرض وجوده الاقليمي والدولي.ومتفاؤلا بالقدر الكافي في التطلع الى مستقبل يحرره من قيود التبعية.والرضوخ للامر الواقع..والاتكال على الاخر حتى في ابسط الامور الحياتية التي يستطيع ان يتدبر نفسه في تحضير وجية غذائه بدون مساعدة احد.والاستهلاك المفرط في تناول كل ما هو اجنبي يبتدا بالحليب حتى اخر موديلات السيارات الفخمة التي تنتج خصيصا لبعض الفئات من المجتمع العربي التي حضيت بالعناية المركزة التي خولها لها الذهب الاسود.وتجلياته على حياة الترف.والاستهلاك المجنون لما هو خارجي.هذا جانب من اوجه الانغماس في ما هو غربي دون النظر الى طبيعة الرجل الشرقي الذي يمتاز بمقومات لها جذور عميقة في ترات زاخر من الانجازات والاخد بعناصر التفوق التي ميزت حقب ازدهار الحضارة العربية في ثروتها الاولى.ومدى الاشعاع الثقافي الذي رسمته في الذاكرة الغربية.واستفادت منه لدرجة طورت هذه المفاهيم العربية والفكرية منها والثقافية .ودمجتها في حضارتها التي تعلمت الشيء الكثير.وحاولت ان تضع لنفسها اطارا مرجعيا في تحرير العقل والانسان من كل القيود من باب التقدم والحرية .وساهمت هذه الخطوات في ظهور انتخابية متقدمة في كافة الميادين .وظل العربي يعيش في سباته القديم طيلة القرون اللاحقة...مسدودا لما صنعه الغرب خلال القرن التاسع العشر.والتحديات الكبرى التي ساهمت في تطوير علوم الطبيعة.وفتح افاق الابداع الى ابعد الحدود.
وبعد كل هذا وذلك .ماذا فعلنا نحن في ظل السباق الحضاري الذي يعطي قيمة حقيقية لدور الانسان في التنمية وصناعة مظاهر التفوق على جميع المستويات.ولماذا تقدم الغرب.وتاخرنا نحن. من منا يستطيع ان يجيب على هذا السؤال الاشكالي الذي يحتاج منا الى ارادة صريحة تحاول فك رموز هذا الارتباك الحاصل في كينونة العقلية العربية التي لم تحاول طيلة هذه القرون ان تلعب دورا رئيسيا في اثبات وجودها القومي الذي انخصر في فترات معينة .وانصهر مع احداث كارثية عاشها كل عربي ابتدائ من سنة 1948 الى سنة 1973 وما ترتب عن ذلك من هزات عنيفة غيرت منطقة الشرق الاوسط الى مستويات لم يعد يستطيع ان يرى وجهه في المراة من جراء النكسات المتتالية التي هدمت كل القيم الروحية التي انهارت .ولم يعد العربي قادرا على حمل السلاح في وجه من هو اضعف منه مكانة وعددا.
والتامر الدولى على الشرق الاوسط وشمال افريقيا عاملا قويا في اضعاف الدور العربي .وافشال اي تحرك يهدد مصالح الغرب في المنطقة المعروفة بثرواتها النفطية.والاستراتيجية في زرع قواعد عسكرية في كل مكان للحفاظ على امتداد القوة العسكرية في المنطقة مع الحرب الباردة.وماتلاها من سيطرة القطب الواحد بعد انهيار الاتحاد السوفياتي.لكن هذا القطب الواحد لم يعد قويا بالشكل الذي نعتقده نحن الولايات المتحدة الامريكية كقوة مسيطرة على العالم.لقد تحول المشهد الان الى صراع دولي رغم وجود امريكا في الواجهة .وتدهور الاوضاع الاقتصادية في العالم رسخ فكرة التحلل من اي قطبية جديدة تحكم العالم.
وهذا تحدي كبير لم تتعود عليه اوربا ولا امريكا .لان موازين القوى بدات تتغير لصالح الصين خلال السنوات القادمة .التي تمثل القوة القادمة .وتعمل على تصحيح المعادلة العالمية في بسط نفوذها الاقتصادي عل دول الشرق والغرب .وهذه مؤشرات تداولها خبراء دوليون بان العالم يتجه نحو فراغ سياسي من جراء انهيار القيم الانسانية .التي بدات مؤشراتها تطفح على السطح .وتبشر بنهاية التاريخ السياسي والشمولي الذي كان يتحكم بالعالم .وياتي دور بعض الدول التي تعتمد على تنمية اقتصادياتها بشكل يجعل منها قوة اقتصادية كبرى في اسيا وبقية العالم ..
ونحن العرب لم نستغل امكانياتنا الطبيعية بالشكل الصحيح .واعتمدنا في تقديم خبراتنا لغيرنا دون ان نعمد لاستغلالها.في مجالات التنمية والاستفادة من بلورة صناعة محلية .تساهم في تطوير انتاجية النفط داخليا .وتوظيفها في قطاعات حيوية في الصناعة والفلاحة .وبدائل الطاقة دون اللجوء الى استيرادها من جديد بتكلفة باهظة .وهي مادة اولية وهبها لنا الله لحسن استعمالها في احسن الظروف .واستغلاللها في تنمية الاقتصاديات المحلية .واعتبارها عنصر قوة لنا نتحكم في توزيعها واعادة انتاجها لصالح الداخل .وليس على حساب الخارج الذي يحاول استنزاف خيراتنا بابخس الاثمان وتقديمها في طبق من ذهب الى اعدائنا ويعيدوا انتاجها والاستفادة منها ومن مشتقاتها .ونقدم لهم وسائل التفوق علينا .وكاننا غير معنيين بالامر ولا يهمنا من هذه الحياة سوى الماكل والمشرب .ورصيد في البنك .وسيارة فاخرة وفيلا على الشاطىء .وزوجة جميلة ذات الشعر الاشقر .ام شيء اخر فلا يحركنا .ولا نريد ان نشغل به نفوسنا .حيث تحولنا الى مادة استهلاكية بامتياز .وهذا ما كانت وماتزال وسائل الاعلام الكبرى بوضع خطط وبرامج من اجل استلاب العقل العربي .وجعله اداة مفرغة من كل توجه معرفي وقومي وفكري .واداة طيعة تتحكم بمصيرنا وهويتنا العربية والاسلامية .وهذه المؤسسات الاعلامية تنفق الملايين سنويا في انحاء العالم لتحارب العربي .وتصوره كما تشاء وتريده ان يكون .وتسوق اعلامها من اجل مصالحها في المنطقة العربية التي لم تهدا حتى الان .وصناعة الخبر الذي يتماشى مع نهج التبعية في كل شيء .وقد نجحت الى حد كبير لايمكن لاحد ان ينفي هذا التاثير السلبي في طبيعة الحياة العربي الذي اهتم بالقشور واهمل الجانب الايجابي في الغرب .
وظل العربي مبهورا بحياة الترف والجاه والتحرر .وتناسى حضارته وتراثه الزاخر بالنماذج المستنيرة في احترام قيم الانسان سواء كان فقيرا او غنيا .وتقدر وحدة التالف والرحمة .ووحدة اللغة والمعتقد والمصير المشترك .وتدفع المسلم الى الاجتهاد وتحصيل العلم كما حققه اسلافنا في ميادين كثيرة يعرفها الكبير والصغير
واعطاء الفرص لاصحاب الكفاءات العلمية في انتاج ما ينتفع منه عامة الشعب .وتوسيع دائرة البحث العلمي الذي يعرف نسبة ضئيلة من ميزانيات الدول العربية التي لاتحسن تحسين افاق البحث العلمي في التنمية وتطوير الصناعات .وفتح اسواق جديدة امام الشباب في عملية الانتاج الوطني .وهذايؤدي الى تطوير الصناعات المحلية .وانتاجها بتكلفة رخيصة .وبجودة عالية .ولا يتاتى ذلك الا باعطاء الفرصة للجميع نحو تحقيق ابداع صناعي متماسك .مما ينتج عنه تضاعف نسبة براءة الاختراع التي تعرف نسبة خجولة بالمقارنة مع اسرائيل .والارقام تكشف عن الحقيقة المؤلمة التي يعاني منها العقل العربي الذي يبدو محاصرا اكثر من جهة ....
اننا نعيش في زمن يقارب مظاهر التقدم .واقسى مظاهر التخلف .في زمن المتعارضات والتصادمات على جميع الاصعدة .وهذا حال العربي الذي يراهن على مستقبل زاهر .امام حاضر متخلف .ومعوقات لا حصر لها تحد من افق امتلاك فرصة الانعتاق والتحرر من قيود الماضي والحاضر المكبل بحبال الجهل والامية .والتبعية الفاحشة.والركون الى زوايا ننتظر من ينوب عنا في حل ازماتنا....
ان زمن الانتصارات العلمية ومظاهر التقدم تنفلت من ايدينا .دون ان نفعل اي شيء لنعيد للعقل العربي بريقه واشعاعه التاريخي .الذي يضرب به المثل في مراحل التدوين والترجمة.حيث استفاقت اوربا من سباتها الطويل .واخذنا مكانها .وعدنا الى الغار نطل على العالم من خلال زجاج شفاف يسمح لنا رؤية كل شيء دون ان نفعل اية حركة في اتجاه التاريخ لتصحيح مسار الفكر العربي نحو نهضة عربية جديدة

CONVERSATION

0 comments: