خربشات لأجيء-4: الوطواط/ عطا مناع

نحن في خطر، طرح تقليدي وقد يكونُ عقيماً، من تقصد بنحن!!!! هل تقصد الشعب الفلسطيني؟؟؟؟ أم انك تقصد قضية اللاجئين؟؟؟؟ ما الفرق؟؟ نحن فلسطينيون وقضيتنا لا تتجزأ ولا زالوا يحاولوا تفريغها من مضمونها لدرجة أنهم اعتقدوا أنهم حولونا إلى مجرد شيء يفتقر للروح، إلا إننا هنا باقون....... إلا تعلم أن المادة لا تباد وتتخذ إشكالا أخرى؟؟؟ إلا تعلم أن الكلمة تحمل في أحشائها التاريخ والجغرافيا والديمغرافيا؟؟؟ من قال لك إننا في خطر؟؟؟ هي مجرد أزمة وستزول، هل تعرف لماذا؟؟؟ لان جذورك ضاربة في الأرض عميقاً، والأرض ترعى جذورها، الأرض لا تغدر بمن أحبها.
لكننا مشتتين منقسمين على أنفسنا، أتصدق انك أصبحت عبئاً عليهم؟؟؟؟ النكبة عبئ؟؟ والمخيم عبئ وحتى المنظمة التي رويتها بدمك أصبحت عبء، ألا تصدقني؟؟ مع حق فنحن نعيش في زمن ضاعت فيه الحقيقة، زمن فقدان الذاكرة..... أيعقل أن تنسى طريق الآلام وإكليل الشوك وملايين المصلوبين؟؟؟ كيف تنسى البدايات وتتشبث بعقمك الذي حولك لوليمة للمتسابقين على نهشك والتلذذ بما تبقى منك؟؟ من أنت لتدير ظهرك لمن رحلوا وقالوا أن حقهم لن يضيع لانك يا فتى سيشتد عودك وتصدح بصوتك في صحراء البؤس إنها لي!!!!! أيعقل أن أمين السر انتصر على عالمك؟؟؟؟
أمين السر هذا كما الوطاويط لا يعيش إلا بالعتمة، ولا يتآمر عليك إلا بالعتمة، أمين السر هذا ليس من لحمك ودمك، وأمين السر سيتلاشى أمامك لانك الكينونة والمصير، أنت أيها الأبله العنوان، أيعقل أن تمر عليك صبرا وشاتيلا دون أن تستوقفك!!!! هل من المعقول انك تؤمن بالذبح المباشر!!!! في صبرا استهدفوك أنت واستهدفوا نسلك، ارجع إلى التاريخ وفتش في صفحاته أيها "المنبوذ" المسلوب الذاكرة!!!!
صبرا كانت الوليمة، وصبرا كانت الجريمة، هناك في صبرا كانت البداية، خرجوا عليك بخوفهم وذبحوك وخصوا فتيانك....... اقرأ!!!!! أيعقل انك لا تقرأ ولا تفهم أنهم استساغوا لحمك!!!! أين أنت يا صاحب اللحم المر لماذا لم تخرج عن صمتك وتعلنها حذاءً في وجوههم بأنك صبرا وصبرا أنت!!!! وانك الدولة والدولة أنت، وانك السبب والنتيجة، ألا تعلم انك المتجدد دائماً وفي عروقك تسري دماء الذي وقفوا في وجهة العاصفة وقالوا أنهم سيعودون إليها كرامة حتى لو بعد مئة عام.
هل تعلم انك تكرر نفسك؟؟؟ ستون عاما وما يزيد وأنت تستحضر الصورة، حملت على كتفيك اللحم والأحلام إلى الخلاص وقلت إنا لها راجعون، وقرأت الفاتحة على طريقتك الخاصة واستوطن اللحم المرة شريط ذكريات في رأسك، وأيقنت انك ستحمل يوماً ما حلماً ولحما إليها على أكتافهم فثق بهم فهم الهدف والدولة والثورة والعودة وما أنت سوى حامل للأمانة فاحذر من نفسك أولا...... فالنفس أمارة بالسوء وتذكر انك هوية والهوية لا تموت؟ واحذر أن تضيع منك الوجوه، ففي الوجوه تعيش الرواية، والوجوه هي جنونك الذي يطل عليك في نيسان يذكرك يأتيك بالوجوه التي حاولوا بروايتهم أن يغيبوها.
كان اللة في عونك، فالذكريات ثقيلة كصخرة سيزيف تحملها على صدرك من مهدك إلى لحدك، وفيها وزادتك في رحلة العذاب الطويلة، لا تتعب ولا تكل..... ممنوعُ أنت من التعب...... ممنوع عليك أن تنسى الوجوه والمفتاح والحنون، وإذا داهمك التعب توضأ بترابها ففي ترابها يكمن العلاج، وفي ترابها تحتبس الذكريات، الم يقول ل كان الأرض إنسان والإنسان ارض، الم تسمع بالحكاية..... حكاية الذين تعمدوا بترابها وقالوا إنا راجعون إليها رغم الحواجز والمسافات الطويلة، ترابها أنت...... وأنت ترابها وانظر إلى الخلف للحظة وأمعن النظر في التراب سترى ما عجزت عن رسمت الحكاية، لكن الأطفال مسكوا بالقلم وكتبوها حلماً لا يموت.
ما رأيك أن أعود بك للوراء لتتذكر؟؟؟ لعل وعسى أن تنفعك الذكرى وتدخل السكينة في قلبك وتحميك من نفسك التي عليك أن تكرهها لصالح السريرة، ففي السريرة تكمن أبديتُك، وفي السريرة تترعرع ديمومتك، وتذكر أنت أيها التائهة في صحراء اللجوء لا شيء بدون السريرة والديمومة، وبدون دق كل الجدران وخربشة حكايتك في قلوب من سيأتوا من بعدك.
يا اللة .... أعفنا من هذا الضياع..... من فلسفة الهروب من الذات...... لماذا هذا اليأس الذي يدغدغ النفس...... كيف يمكن أن تواجه اللحظة عندما يأتوك وتسلمهم قبل الرحيل.... ما لهم يأتوك يلفهم الصمت لدرجة انك بت تخشى النوم...... هل وصلت الى حالة من العجز لتستعين بالذين رحلوا يأتونك في غفوتك ليذكروك بان لك جذور وان هناك أرواح هائمة لا ترتاح إلا بالمستقر الأخير، ما أكثرها تلك الأرواح المعذبة التي أغمضت العيون وهي تحلم بان تدفن مع حفنة من ترابها أو بعضا من الميرمية.
بالأمس جاءك وللمرة الأولى بعد ا نغادرك ولا زال يعيش في داخلك، هذا الكهل الذي علمك ما لم يعلمك إياه احد، علمك بالممارسة أن الوطن بشر وتفاعل أبديي لا يموت مع الموت..... لماذا تتكرر زيارته لك هذه الأيام؟؟؟؟؟ أيعقل أنة غاضب منك؟؟؟؟ أو أنة عاتب عليك؟؟؟؟ لماذا جاءك من الموت صامتاً على غير عادته؟؟؟؟ فقد الابتسامة المعهودة وكان ميتاً؟؟؟ لماذا يأتيك من الموت ميتاً هذا الذي رفض الموت واحتقره واعتبره عادياً؟؟؟؟ لماذا يأتيك من الموت وملامح الحيرة تغرق في الصمت ويضرب عن الكلام.
لا اعرف لماذا تنتابك الأفكار المجنونة الخارجة عن العادة؟؟؟؟؟ أهي الصحوة أم الصرخة في وجه الصحراء؟؟؟؟ أم انك أدركت الحقيقة بعد أن تداخلت الالون وسيطر الليلكي على المشهد وغابت الفوارق ولم تعد تفرق بين يسارك ويمينك.
ألان أنصحك أن تتوقف عن خربشتك وتواجه البرد الذي يجتاحك، تغلب على بردك وتذكر الذي خربش على جدران عين الحلوة ما حلم به وما آمن به، وتمسك بالفكرة التي قتلتك، ايعقل ان تقتل الريشة رجلاً؟؟؟ نعم مصيبته في أفكاره التي قتلته وعاد ملايين الحناظله يبشرون بالمستقبل والعودة الحقيقية بعيدا عن الحل المتفق علية.

CONVERSATION

0 comments: