الربيع العربي بدأ التحول إلى شتاء غضب عاصف يهدد إسرائيل على الرغم أن الربيع لم ينتهي فصله وإن كانت التسمية في غير محلها لأن الثورات بدأت في فصل الخريف ومستمرة حتى الأن في فصل الشتاء .
تونس ومصر وليبيا التي أصبحت مسألة الإطاحة بالزعيم القذافي منتهية على الرغم من محاولاته للسيطرة تشبه إنتفاضة جسد واهن يوشك على الوفاة . أما سوريا فيبدو أن أسدها إستعد وأعد العدة لمواجهة غضب الشعب السوري فالقتل والقتال مازال مستمرا مع الأسف وبأيدي الجيش السوري المفروض فيه حماية الوطن الذي هو الشعب وليس الرئيس أو أذنابه . وهنا لابد أن نرفع القبعة تحية وإحتراما للمجلس الأعلى للقوات المسلحة المصري لوقوفه إلى جانب الشعب وليس الرئاسة . الشعب باق والرئاسة زائلة مهما طال زمن حكمها وتسلطها .ويبدو أن البحرين قد هدأ بركانها وكذلك الأردن . أما المغرب والجزائر على ما يبدو أن شرارة الثورة لم تصبهم . أما بقية الدول العربية فهي تحاول " أعني حكامها " تحصين نفسها بالإستعداد للمشاركة بالمال وهو جزء من النضال بلا شك .
حظيت تلك الثورات بتأيد مطلق من أميركا والغرب وأرسلت كل دولة منها بسياسيها ليطمئنوا الثوار بأنهم يؤيدونهم وسيقفون إلى جانبهم من أجل قيام حكومات ديموقراطية . لأن الغرب يؤمن بالديموقراطية أسلوب حياة للشعوب الحرة وهذا ما يتمنونه للشعوب العربية وكانت إسرائيل ضمن من أيد وبارك التحول المرتقب إلى الديموقراطية .
التخطيط الأميركي لتغير خارطة المنطقة وإعادة تقسيمها إلى دويلات يسهل التحكم فيها والسيطرة عليها بأسم الديموقراطية يكاد يكون قاب قوسين أو أدنى من تحقيقه . على الرغم من أن الشباب في مصر عندما تجمعوا في ميدان التحرير مطالبين بالتغير لم يكن ورائهم أحد يدفعهم أو يدفع لهم للقيام بما قاموا به . إنما الدافع كان من أجل التغير الجزري للحاكم وحكومته لما وصل إليه حال المصريين من تدني في جميع مناحي الحياة المعيشية من مأكل وملبس ومسكن ونظافة وتعليم وإلخ .. مضافا إلى ذلك الناحية الأخلاقية التي إنحدرت إلى أدنى مستوياتها في تاريخ مصر .
إذن ثورة شباب مصر كان هدفها الأول التخلص من حاكم وحكومة فاسدة أفسدت الشعب وتركته لنهب الناهبين والأفاقين وذوي الضمائر الخربة . لكن مع الأسف لم تكن لديهم الحنكة السياسية ولا القيادة الموجه ولا أيضا الأجندة التي إذا نجحوا قاموا بتفعيلها وتقديمها للشعب ليكونوا بالفعل ثوارا مستعدين لإدارة شئون مصر .
نجحوا فيما كانوا يهدفون إليه من الإطاحة بالحاكم والحكومة ولكنهم أصبحوا لقمة صائغة لمنتهزي هذه الفرصة فقفزوا على الثورة .. ثورة الشباب ونسبوها لأنفسهم . طبيعي العالم كله يعرف من هم .
الأخوان الأكثر تنظيما بدأوا التحرك لإستلام السلطة وسايروا متطلبات الغرب وخاصة أميركا في المناداة بالديموقراطية وأقاموا حزبا للخوض في الإنتخابات البرلمانية . وبدأت الجماعات الإسلامية والسلفية بمنافسة الأخوان تارة وبالتوافق معهم تارة أخرى . كل هذا وشباب الثورة ملهي في مليوناته والتي أصبحت شيئا لا يتفق مع التركيز على الإستعداد لدخول المعركة الإنتخابية التي هي على الأبواب وإزدادت الهوة بين أحلام شباب الثورة وبين واقع الحياة السياسية الجديدة التي تترأسها جماعة الأخوان غير المحظورة وباقي الفئات الأسلامية الأخرى وعلى صوتهم فوق كل الأصوات ولم يعد الشعب المصري يسمع من أي أحزاب أخرى معارضة لهم .. للأخوان والجماعات الإسلامية والسلفيين .
لا الأخوان ولا أي فصيل إسلامي أخر ولا أي حزب من الأحزاب الأخرى ولا من المرشحين المحتملين لرئاسة الجمهورية عرض على الشعب برنامجا واضحا وصريحا عن ما يمكن أن يفعله لرفع المعاناة عن الشعب المصري . كل الذي ينادون به تطبيق الشريعة وإبقاء المادة الثانية وبدأت الأصوات ترتفع بعد مقتل الجنود المصريين على الحدود المصرية الإسرائيلية وبسلاح الإسرائيليين تطالب بإلغاء معاهدة كامب ديفيد وأصوات أخرى تطمئن المسلمين أن بينهم وبين إسرائيل هدنة وليست معاهدة ولا إتفاقية . والهدنة تعني إستمرارية الحرب إلى أن يرى أحد الأطراف العودة إلى الحرب في الوقت المناسب له . وهذا يدغد حواس الشارع المصري والعربي سواء ثارت شعوبهم ونجحت أو ماتزال تجاهد في سبيل الحصول على حريتها . ولكن الجميع على صوت رجل واحد وفكر واحد وهو ضرورة إنهاء الهدنة القائمة بين مصر وإسرائيل والعودة إلى الحرب للتخلص من عار المعاهدة ... معاهدة كامب ديفيد .
زاد هذا من حدة التوتر بين إسرائيل والعرب سواء من إنتفضت شعوبهم وأطاحت بحكامها أو من مايزال في كفاحه للأطاحة بحكامه مستخدمين إسرائيل كهدف أساسي لهم من أجله يريدون تولي حكم البلاد .
نفس الأسطوانة المشروخة التي يستخدمها كل من يريد الوصول إلى الحكم إن كان في الغرب أو الشرق ، إن كانت دولا إسلامية أو غير إسلامية . الغرب الوعود بإقامة دولة فلسطينية ، والشرق بإزالة إسرائيل من على سطح الأرض . لا ذلك عندما يصل إلى الحكم ينفذ ما وعد به ، ولا هذا أيضا . أمست القضية الفلسطينية وأصبحت علقة " لبانة " في فم كل إبن حرام يسعى إلى السلطة مستغلا طيبة وحسن نوايا شعوبهم أو رغبة الشعوب في السلام فيصدقوا كل ما يقال لهم على أمل .. ومع الأسف منذ عام 1948 وحتى الأن لم يصدق أيا من حكام الغرب أو الشرق في تحقيق هذا الحلم الذي يحلم به كل محب للسلام .
وبدأت غيوم العاصفة تتجمع وتنذر بشتاء غاضب عاصف يهدد إسرائيل . فهل ستواجه إسرائيل فعلا هذا العام شتاء غضب عاصف ؟؟؟
وهل نحن كمصريين لأن العبء يقع علينا وليس على غيرنا مستعدون لذلك ؟؟؟
الإنتخابات على الأبواب .. فهل سنجد من المرشحين من سيقدم برنامجا مفصلا عن ما يمكن أن يفعله لمصر والمصريين للننهوض من كبوتنا ؟؟؟
وهل يمكن أن نؤجل الوعود التهددية لأسرائيل بعد أن نعيد لمصر هيبتها ؟؟؟
وأخيرا هل للأخوان والجماعات الإسلامية وغيرهم من المتشددين أن يتركوا الدين للديان جل جلاله ويضعوا جُل همهم في أخذ بيد مصر والشعب المصري إلى بر الأمان والإقتناع بأن الدين لله والوطن للجميع ؟؟؟
لأنه وبكل صراحة لا رجعة إلى الوراء .. وبكل صراحة أيضا أنا لا تهمني إسرائيل لكن يهمني في المقام الأول أن يعم السلام أرض الكنانة مصر .
0 comments:
إرسال تعليق