استحقاق ايلول والواجب المطلوب/ شاكر فريد حسن

لا جدال ان مسعى السلطة الوطنية الفلسطينية برئاسة محمود عباس (ابو مازن) التوجه للامم المتحدة من اجل الحصول على اعتراف دولي بالدولة الفلسطينية ، اخذ حراكاً سياسياً ودبلوماسياً على الساحتين الشرق اوسطية والعالمية. وان استعداد اكثرية دول العالم الاعتراف بدولة فلسطين في حدود الرابع من حزيران عام 1967 بات امراً واقعاً ومعطى سياسياً غير قابل للرفض دولياً الا في مجلس الامن ، الذي يمنح الولايات المتحدة احقية استخدام "الفيتو" .
ومنذ ان اعلنت السلطة عن "استحقاق ايلول" مورست ضغوطات هائلة على القيادة الفلسطينية من اجل ثنيها عن مسعاها والتراجع عن قرارها ، الا ان القيادة الفلسطينية لا تزال متمسكة ومصرة على المضي قدماً في توجهها نحو هيئة الامم المتحدة وطلب استحقاق الدولة في الايام القريبة القادمة .
وفي حقيقة الامر ان الحراك الدبلوماسي العالمي لم يأت من فراغ وانما نتيجة الكفاح الوطني الفلسطيني واصرار الشعب الفلسطيني على حقه الشرعي في نيل حقوقه واقامة دولته المستقلة والعيش بحرية وكرامة كبقية شعوب العالم ، ناهيك عن فشل المفاوضات السياسية بين السلطة الوطنية الفلسطينية وحكومات اسرائيل المتعاقبة ووصولها الى طريق مسدود . وكذلك بفعل ثورات الربيع العربي ، التي سيكون لها تأثيرات مستقبلية ايجابية على الوضع السياسي في المنطقة .
وامام الاصرار الفلسطيني عل "استحقاق ايلول" هنالك تعنت اسرائيلي ورفض امريكي للتحرك السياسي الفلسطيني . وقد اعلنت الولايات المتحدة عن عزمها استخدام حق الفيتو لعرقلة وافشال الطرح الفلسطيني ، كما هددت بالعقوبات المالية حيال الشعب الفلسطيني وسلطته الوطنية . وهذا الصلف والتهديد الامريكي يكشف بوضوح مدى الانحياز الامريكي تجاه اسرائيل ، وانتهاجها سياسة الكيل بمكيالين وازدواجية المعايير . ويكشف ايضاً زيف مزاعم المؤسسة الاسرائيلية حول رغبتها في تحقيق السلام مع الجانب الفلسطيني.
لقد كنا نتوخى من الرئيس الفلسطيني محمود عباس قبل توجهه الى الامم المتحدة لتقديم استحقاق الدولة ، ان يكون محصناً بوحدة وطنية صلبة وموقف فلسطيني موحد ، وانهاء حالة الانقسام والتشرذم في الشارع السياسي الفلسطيني وتنفيذ اتفاق القاهرة للمصالحة الوطنية بين حركتي فتح وحماس ، لكي يكسب الرأي العام العالمي ويعطي زخماً للقضية الفلسطينية في المحافل الدولية ، لكن ذلك لم يتحقق للاسف.
ان الواجب الوطني والضرورة الموضوعية يتطلبان وقف حملات التشهير والتحريض ، فالوقت غير مناسب للمناكفات والمشاحنات والمهاترات السياسية والحملات الاعلامية ،لان ذلك ليس في صالح المسعى الفلسطيني وبمثابة خدمة مجانية لمواقف امريكا واسرائيل .
وبعد ، فان استحقاق ايلول هو انجاز فلسطيني كبير ويجب عدم التخلي عنه والتفريط به . وعلى جميع القوى السياسية والوطنية والفصائلية في المجتمع الفلسطيني توحيد مواقفها الداخلية ازاء هذه الخطوة المفصلية الهامة في حياة وتاريخ شعبنا ، وتجنب اثارة الخلافات الجانبية ، التي لن يستفيد منها سوى اعداء الحق الفلسطيني . وثمة حاجة ماسة الى الدعم الفلسطيني والعربي والعالمي للمسعى الفلسطيني ، فهذه فرصة تاريخية ومن الضروري عدم تفويتها .

CONVERSATION

0 comments: