في سابقة لم تُعهد من قبل، خلال نصف قرن من حكم حزب البعث الشمولي لسورية، أعلن نائب عام حماة عدنان البكور، استقالته من منصبه احتجاجا على ما سماه ممارسات نظام بشار الأسد.
واتهم البكور في تسجيل مصور، بثته العديد من القنوات العربية والعالمية، النظام السوري، (بتصفية 72 سجينا من نزلاء سجن حماة المركزي، وهم من المتظاهرين السلميين والنشطاء السياسيين، ودفنهم بمقابر جماعية بجانب قرية الخالدية، قرب فرع الأمن العسكري في حماة).
وقال إن (هناك مقابر جماعية في الحدائق العامة، دفن فيها نحو 420 جثة، أو أكثر، وإنه قد طُلب منه أن يقدم تقريرا يفيد أنهم قتلوا على أيدي عصابات مسلحة).
وأضاف أنه (استقال أيضا بسبب الاعتقالات العشوائية للمتظاهرين السلميين، الذين بلغ عددهم نحو 10 آلاف معتقل، إضافة إلى عمليات التعذيب داخل أقسام الأمن، وإجباره على إعطاء أوامر بدفن 17 جثة، ونقلهم إلى المقبرة الخضراء في السريحين).
كما بين البكور أنه من بين أسباب استقالته أيضاً، (قيام الجيش بهدم بيوت بأكملها في حيي الحميدية والقصور في حماة، مشيراً إلى أن الجثث بقيت تحت الأنقاض).
وسبق هذا الموقف الشجاع من المحامي العام عدنان بكور مداخلة لعضو مجلس الشعب الشيخ يوسف أبو رومية السعدي في جلسة يوم 27/3/2011 رداً على افتراءات شبيحة النظام وعناصر أمنه وأبواق إعلامه بأن من اقترف جرائم قتل المواطنين في درعا هم عصابات ومرتزقة جاؤوا من خارج الحدود، قال فيها: (حوران ليست المحافظة التي تقبل الغدر أو الخيانة على هذا البلد العزيز، حوران معروفة بأصالتها وفي عروبتها وبوطنيتها، وتاريخ حوران ماضي ومجيد بمواقفها المجيدة الوطنية، والذي جرى في حوران هو رعونة العميد عاطف نجيب المسؤول عن الأمن السياسي في درعا الذي استدعى قوات الأمن بطائرات الهيلوكوبتر ونزلوا فورا لإطلاق النار على المواطنين في درعا فأردى ما أرداه من قتلى وجرح ما جرح من مواطنين أبرياء، وكان يمنع سيارات الإسعاف من أن تنقل الجرحى إلى المستشفى فأخذوا الجامع العمري مستشفى للجرحى، وكان الدكاترة يستغيثون بالمآذن وأنا أسمعها في إذني وموجود في درعا، ولكن يا للأسف الذي جر البلاد كلها فروع الأمن الموجودة في درعا التي باتت تقتل عن جنب وطرف دون هوادة).
موقف المحامي العام عدنان البكور الشجاع ومداخلة عضو مجلس الشعب يوسف أبو رومية السعدي الجريئة يؤكد بأن هناك رجال في سورية لم يفقدوا حسهم الوطني وانحيازهم إلى الشعب الثائر على النظام السادي الهمجي والرجال مواقف، وكان من المنتظر أن نسمع عن استقالات عديدة لبعض الشخصيات الفاعلة في النظام كما حصل في ليبيا في بداية ثورتها، فقد سارع العديد من الوزراء وأقرب المقربين من العقيد القذافي ومعظم السفراء والعاملين في الحقل الدبلوماسي والإعلامي إلى الاستقالة والانضمام إلى الثورة متحللين من نظام القذافي، وهم الذين كانوا على اتصال وثيق به ويعرفون حقائق الأمور وأسرارها من ظلم واضطهاد وقمع وجرائم وفساد، واستيلاء ونهب ممنهج للثروات الليبية من قبل حاشيته وأفراد أسرته، فلم يفوتوا الفرصة وانحازوا إلى الشعب ليصبح العديد منهم على رأس المجلس الانتقالي وفي عداد أعضائه أو قادة ميدانيين للثوار ومدربين للمتطوعين.
في سورية لم نسمع عن استقالة أي من رموز السلطة أو انحياز البعض إلى ثورة الجماهير بعد ست شهور من القتل وسفك الدماء واستباحة المحرمات، بل على العكس كنا نشاهد ونسمع مواقف متشددة من هؤلاء الرموز الذين آثروا الانحياز إلى الدكتاتور الطاغية والتحليق في سربه، في مواجهة الجماهير الثائرة التي تتلقى الرصاص المجنون بصدورها العارية، وقد ربط هؤلاء مصيرهم بمصير هذا الطاغية، ليؤكدوا على أن هذا النظام لم يكن يقرّب إلا الموالين له والسائرين في فلكه من دهماء الشعب وسفهائه وأشباه الرجال، الذين أعمى الله بصيرتهم ونزع ضمائرهم وجرد عقولهم، فلا يرون إلا ما يرى نمرود الشام وبطانته، يقودهم كما قاد فرعون قومه إلى بطن البحر ليكونوا طعاماً لوحوشه وأسماكه.
0 comments:
إرسال تعليق