شاهد شاف كل حاجة/ رأفت محمد السيد


"شاهد الزور" ألم يفكر للحظة لماذا يقدم على هذا الجرم الكبير ؟ ألم يفكر للحظة في النتائج المترتبة على شهادته ؟ ألم يرد بباله عقابه في الدنيا والآخرة ؟ ألم يقرأ قول الله تعالى : ( فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الأَوْثَانِ وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ) سورة الحج من الآية30 ، وقوله تعالى : (وَإِنَّهُمْ لَيَقُولُونَ مُنْكَراً مِنَ الْقَوْلِ وَزُوراً ) المجادلة: من الآية2، وقوله تعالى: {ولا تلبسوا الحق بالباطل وتكتموا الحق وأنتم تعلمون} وقوله تعالى: ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ وَلَوْ عَلَى أَنْفُسِكُمْ أَوِ الْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ إِنْ يَكُنْ غَنِيّاً أَوْ فَقِيراً فَاللَّهُ أَوْلَى يهما فَلا تَتَّبِعُوا الْهَوَى أَنْ تَعْدِلُوا وَإِنْ تَلْوُوا أَوْ تُعْرِضُوا فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيراً) النساء:135، وقوله تعالى : ( إلا مَنْ شَهِدَ بِالْحَقِّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ) الزخرف: من الآية86 – ألم يقرأ شاهد الزور ماروى عن الرسول في حقه - فعن أبي بكر رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : " ألا أنبئكم بأكبر الكبائر ( ثلاثاً ) ؟ قالوا : بلى يا رسول الله ، قال : الإشراك بالله و عقوق الوالدين و جلس وكان متكئاً فقال : ألا و قول الزور " قال : فما زال يكررها حتى قلنا : ليته سكت ". رواه البخاري و مسلم - بل إن رسول الله صلى الله عليه وسلم حذر من الزور وقوله والعمل به حتى قال: " من لم يدع قول الزور والعمل به فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه". رواه البخاري.
و إذا كانت الشهادة بالزور مذمومة ينأى عنها كل من كان له قلب أو ألقى السمع و هو شهيد فشهادة الحق من المؤكد أنها محمودة عند الله
والسؤال المحير هو: هل بلغت الاستهانة و قلة التقوى بالبعض أن يقف ليدلى بشهادة الزور بعدما أقسم بالله العظيم أن يقول الحقيقة ولاشئ غير الحقيقة وما المقابل الذي يعادل القسم بالله ؟! هل تحولت الشهادة عن وظيفتها فأصبحت سنداً للباطل و مضللة للقضاء ، ليستعان بها على الإثم و البغي و العدوان ، لقد ساءنى جدا ماقراته عبر وسائل الإعلام المقروءة من تحول أهم شهود الإثبات في قضية قتل المتظاهرين ، المتهم فيها مبارك والعادلى و6 من مساعدي الأخير بتغيير أقوالهم ، فقد كانت بمثابة مفاجأة من العيار الثقيل !! عندما فاجأ أربعة على الأقل من أهم شهود الإثبات بتغيير أقوالهم ، وهى الصدمة التي تلقاها محامو الضحايا وأسر الشهداء الذين اعتقدوا أن مبارك سوف يدان في هذه الجلسة ليثاروا لذويهم منه، إلا أنهم خدعوا، فقد كان تضارب أقوال شهود الإثبات المتعمد خلال الجلسة الثالثة لمحاكمة الرئيس المخلوع حسنى مبارك ونجليه ووزير الداخلية الأسبق حبيب العادلى و6 من مساعديه في قضية قتل المتظاهرين، بعد تحول 3 من شهود الإثبات إلى شهود نفي ونفيهم صدور أية تعليمات بإطلاق الرصاص على المتظاهرين ، وتشكيك محامي المتهمين في شهادة الشاهد الأول الذي أكد في شهادة صدور أوامر بإطلاق الرصاص, وهو ما أثار مخاوف السادة المحاميين من تغير مسار القضية لصالح المتهمين ، حيث أكد الشاهد الأول اللواء حسين موسى رئيس إدارة الاتصالات بوزارة الداخلية أثناء الثورة في شهادته للمحكمة أنه سمع صدور أوامر بضرب إطلاق النار ضد المتظاهرين يوم 28 يناير وقيام سيارات إسعاف تابعة للداخلية بنقل أسلحة لقوات الأمن المركزي، وأن من أصدر أوامر تزويد قوات الأمن بالأسلحة النارية هو اللواء أحمد رمزي رئيس قطاع الأمن المركزي وقتها. وأكد على أن الأسلحة تم استخدامها ضد المتظاهرين ، وقال موسى في رده على أسئلة محامين الشهداء ومحاميي الدفاع أن السيارات المدرعة استخدمت في تفريق المتظاهرين، وأن اللواء محمد عبد الرحمن قائد القوات الخاصة خلال الثورة كان تعليماته لضباطه ” اضربوا في العيال دول وميهمكمش حاجة مشيرا إلى أن التعامل مع المتظاهرين تم باستخدام المعدات والأسلحة المتاحة مثل العصا والدرع والغاز والخرطوش، وأن حراسة الداخلية تتحمل مسئوليتها قوات خاصة مزودة بأسلحة آلية ، وشكك محامو الدفاع في الشاهد, بعد أن سأله أحد المحامين عن صدور حكم قضائي ضده بالحبس سنتين بسبب إتلاف أحراز القضية, فرد اللواء حسين سعد محمد بتأكيد صدور حكم قضائي من الدرجة الأولى ضده بالحبس لمدة عامين بتهمة اتلاف قرص مدمج يحمل جميع المكالمات التي تمت في غرفة عمليات الأمن المركزي أثناء ثورة 25يناير، وقال اللواء حسين سعد إن المحكمة أصدرت بالفعل حكما بحبسه سنتين لكنه استأنف على الحكم وأخلى سبيله؟! ولكن رغم ألاعيب السادة المحاميين الذين لايشغلهم سوى براءة المتهمين باى شكل وبأي وسيلة إلا أنني أثق في أمرين لاثالث لهما سيكونان هما الفيصل في تلك القضية أولها : عدالة القضاء المصري ونزاهته رغم مايتعرض له من تضليل بشهادة الزور من شهود الإثبات الذين يعلم الجميع جيدا أسباب تغيير أقوالهم لاسيما وأن فضائح شهادة الزور قد شهدناها كثيرا في الأفلام المصرية ، فهناك متخصصون بل محترفون في كيفية تحويل شاهد الإثبات إلى شاهد نفى !! والثانية هي ثقتي في نزاهة أهم شهود الإثبات الذين تم إخطارهم مؤخرا من جانب المستشار الدكتور عبدا لمجيد محمود، النائب العام وهم : المشير محمد حسين طنطاوي، رئيس المجلس الأعلى للقوات المسلحة، والفريق سامي عنان رئيس أركان القوات المسلحة، واللواءات عمر سليمان، نائب رئيس الجمهورية السابق، ومنصور عيسوي وزير الداخلية، ومحمود وجدي وزير الداخلية السابق، للحضور أمام محكمة جنايات القاهرة، لمناقشتهم في الجلسات التي حددتها لكل منهم بدءاً من يوم الأحد المقبل في القضية المتهم فيها الرئيس السابق محمد حسنى مبارك ونجلاه علاء وجمال، وحبيب العادلى وزير الداخلية الأسبق، و٦ من مساعديه، بقتل المتظاهرين ، فكما أن هناك من يشهد زورا فهناك مازال من يخشى الله ولايخشى في الحق لومة لائم - فنحن لايهمنا سوى القصاص العادل من القتلة والسفاحين الذين أسالوا دماء زهرة شبابنا الذين ارتوت بدمائهم أرض مصر الطاهرة في كل الميادين من أجل القضاء على الفساد الذي تفشى في كل ربوعها ، من أجل القضاء على الفاسدين الذين أصبحت لهم مخالب وأنياب ، فهم ليسوا فقط مبارك وأعوانه وحكومته ولكن هناك الكثيرين الذين مازالوا أحرارا يخربون ويفسدون في الأرض فيحاولون رد الجميل لمن وضعوهم في هذه المكانة بدون استحقاق ليخرجوهم من سجونهم بلا عقاب ولكن هيهات هيهات خاب سعيهم فسوف ينتصر الحق لامحاله ، وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون .
raafat.1963@gmail.com


CONVERSATION

0 comments: