بالتأكيد لم نتعود اليأس ولا الاستسلام للشدائد والصعاب والأزمات ولا الرضوخ لمشيئة الظالمين والإرهابيين وعبدة الأوثان. ولكن هل نحن فعلا كموارنة شعب وقادة ومسؤولين ورجال دين في الوطن الأم وبلاد الانتشار واعين ومدركين لما يحاك ضد كنيستنا البطرسية وضد لبناننا الحبيب وما يمثله من وطن رسالة وقيم وعلامة فارقة في الشرق الأوسط والعالم؟
إن الإيمان والوجدان والضمير ومبدأ احترام الذات والصدق يفرضون علينا مواجهة الإستقواء الإرهابي وسلاحه والأشرار والإسخريوتيين أولاً بجرأة وشجاعة وفروسية، وثانياً بالشهادة للحق دون خوف أو تردد والتمسك بالقيم والثوابت والروحانيات والشريعة حتى ولو وجدنا أنفسنا في مواجهة قاسية ومكلفة وغير مسبوقة مع بطريرك كنيستنا ومعه كل المطارنة، وإلا فنحن براء من مسيحيتنا ومسيحنا ودمه الظاهر والكتاب المقدس وتعاليمه، وخونة وجاحدين بحق كل نقطة دم قدمها الشهداء ومرتدين وأذلاء.
نسأل ونحن نرى انزلاق بكركي وبطريركها بشارة الراعي إلى مسارات بائسة وخيارات خائبة ومواقف لا تشرّف تاريخنا وبعيدة كل البعد عنا وعن تعاليمنا وحضارتنا وثقافتنا، نسأل بجدية كبيرة، ترى هل نجح محور الشر السوري والإيراني ومرتزقته المحليين وجماعات تجار المقاومة الكاذبة في بلدنا في احتواء بكركي وبطريركها وضمهما إلى أبواقه وصنوجه وأدوات شغله القمعية والإجرامية؟
وفي نفس الوقت نسأل البطريرك الراعي المنتقل دون خجل أو وجل وبسرعة فائقة إلى قم الإيرانية وقصر المهاجرين السوري ودويلة حزب الله في الضاحية الجنوبية هاجراً ثوابت بكركي التي أعطي لها مجد لبنان، نسأله هل الموارنة بعد 1600 سنة وما يزيد من نضال وعطاءات وتضحيات أمسوا بمفهومه أتباع وأهل ذمة يساندون القتلة وجماعات الإجرام ضد المظلومين والمضطهدين ويطلبون الحماية من أنظمة دكتاتورية ومافياوية وأصولية؟
هل يسعى بشارة الراعي لتحويل بكركي إلى موقع مهمش وتابع كما هو حال باقي المرجعيات الدينية المسيحية والإسلامية في دول الجوار التي يستخدمها حكامها ومخابراتهم كأدوات وأبواق لتبرير ارتكاباتهم والتسويق لها؟ إن زيارة مفتي دمشق السني المستنكرة من أهل السنة في لبنان وسوريا والبلدان العربية إلى بكركي يوم الأربعاء 28 أيلول/2011، بأمر من الرئيس بشار الأسد هي خير مثال على ما نقول.
نعم الماروني عنيد ومتمرد ولا يقبل الذل والهوان والتبعية والعبودية، هكذا نفاخر نحن الموارنة وقد أثبتنا وبرهنا صدق هذه الصفات قولا وممارسة على مدار حقبات التاريخ بكل صعابها، فهل حتى هذه النعم الإلهية بطريقها إلى الاضمحلال من قلوبنا والوجدان؟ لا لن نخضع لسلطة بطريرك لا يشبهنا بعنادنا ولا بتعلقنا بالحريات ولا بتمسكنا بالقيم والمبادئ وبتعاليم الكتاب المقدس.
ولأننا من الحضارات الباقية في الشرق التي لها مذهبها المتميز وقيمها وتاريخها وهويتها وشخصيتها المستقلة وكنيستها الرائدة والوطن فلن نضحي بكل هذه العطايا الربانية من أجل مسايرة راعي متكبر ومتعجرف ومدعي وكثير الكلام ولا يعرف كيف يتدبر شؤون وأمور رعيته.
من هنا وبراحة ضمير نقول إن هذا الراعي المتنكر لثوابت صرحنا البطريركي الوطنية والإنسانية والإيمانية ليس راعينا لأننا لا نعرف صوته ولا هو يخاف علينا، لا بل يسعى لتركنا لذئاب الإرهاب والإجرام والأصولية لتفترسنا. لا، وألف لا لهذا الراعي، ونقطة على السطر.
0 comments:
إرسال تعليق