جهود الوساطة الأمريكية والأوروبية لوقف المواجهة الفلسطينية الإسرائيلية في الأمم المتحدة، وصلت إلى باب موصد.. ولكن يبدو واضحا أن الولايات المتحدة ليست مطمئنة من موقفها، ومن ردود الفعل في العالم العربي بعد سقوط الخوف وسقوط أنظمة مبايعة سياسة الولايات المتحدة التي ميزت نظام حسني مبارك الساقط مثلا ، وغيره من الأنظمة الساقطة واللاحقة.
حتى العربية السعودية في مقال نشره تركى الفيصل سفيرها السابق في الولايات المتحدة ( ورئيس مخابرات سابق للسعودية) في صحيفة" نيويورك تايمز" الأمريكية، حذر واشنطن من تداعيات استخدام الفيتو ضد طلب الاعتراف بدولة فلسطين..وحذر الإدارة الأمريكية من سقوط التحالف مع السعودية بقوله إن السعودية "لن يكون بمقدورها مواصلة تعاونها مع الولايات المتحدة بنفس الطريقة التي دأبت عليها الأمور".، وأضاف الدبلوماسي السعودي: " أن استخدام الفيتو الأمريكي ضد الطلب الفلسطيني سيؤدى إلى تراجع نفوذ الولايات المتحدة، كما سيؤدى إلى تقويض أمن إسرائيل وتعزيز النفوذ الإيراني، وزيادة مخاطر اندلاع حرب جديدة في الشرق الأوسط"، وجاء في مقاله أيضا أن: "العلاقة المميزة التي تربط بين السعودية والولايات المتحدة سينظر إليها بشكل متزايد من قبل السواد الأعظم من العرب والمسلمين، الذين يطالبون بالعدالة للشعب الفلسطيني، على أنها علاقة سامة".
وزيرة خارجية الاتحاد الأوروبي أشتون لمحت إلى صعوبة الوضع الأمريكي ، ولكنها لم تكن قاطعة في تصوير المعضلة الأمريكية.إذا قالت أن الفلسطينيين يعرفون أنهم بمشكلة، ونحن نحاول أن ننزلهم عن الشجرة سوية مع الأمريكيين.
جملة غريبة ، هل مطالبة الفلسطينيين بدولة تعني انهم عالقون على شجرة؟؟
ولنقرأ اشتون بطريقة دبلوماسية: الاتحاد الأوروبي يريد إنقاذ أمريكا من مشكلة موقفها من النزاع العربي الإسرائيلي، ودعمها المستهجن غير العقلاني لمواقف نتنياهو الذي رفض في خطاب له في الكونغرس الأمريكي اقتراحات الرئيس الأمريكي اوباما حول قاعدة أساسية للمفاوضات تعتمد على حدود حزيران 1967. أي صفع اوباما في بيته. فمن معلق على شجرة لا يعرف النزول عنها سوى الإدارة الأمريكية؟
إسرائيل ترفض حتى إعطاء مكانة دولة غير كاملة العضوية لفلسطين في الأمم المتحدة أسوة بدولة الفاتيكان. وذلك ضمن التزام فلسطيني بالتعهد بعدم مقاضاة إسرائيل في محكمة الجرائم الدولية.طبعا نتنياهو رفض وقال "حقيقته"، بأن "كل قرار أقل من إعطاء مكانة دولة للفلسطينيين ، سيكون مقبولا من إسرائيل" .
أي أن ثرثرة نتنياهو عن دولتين لشعبين، سقطت عنها ورقة التين.
نتنياهو سيذهب إلى الأمم المتحدة ليلقي خطابة ويتحدث عن "الحقيقة".قراره جاء بعد تردد وحسابات صعبة.إذا تغيب عن الأمم المتحدة، سيتهم بفقدان القدرة على قيادة الدولة. وإذا حصل الفلسطينيون على أكثرية بعد خطابه عن "الحقيقة"، سيلتصق فشل إسرائيل بسياسته.
فقط قبل أيام ، عندما نشر المشروع ألاحتلالي لنقل 30 ألف من البدو الفلسطينيين من أماكن سكناهم ، لتوسيع المستوطنات حول القدس، أوضحت مجموعة من المنظمات الدولية، أن نقل السكان الموجودين تحت الاحتلال، وإسكان مواطني دولة الاحتلال مكانهم، هي جريمة حرب يعاقب عليها القانون الدولي.وهذا يعني أن إعطاء مكانة دولة للفلسطينيين، حـتى ناقصة العضوية في الأمم المتحدة، سيفتح الباب على مصراعيه لمحاسبة إسرائيل حول جرائم الحرب التي ارتكبتها.. وخاصة الاستيطان، الأمر الذي سينقل المعركة لمستوى جديد غير مسبوق، لا تملك إسرائيل بمواجهته الفيتو الأمريكي!!
كل الدلائل تشير أن "الخسارة الفلسطينية" من الفيتو الأمريكي هي خسارة أمريكية ستلحق الضرر بالمصالح الأمريكية، ولن تغير من الواقع الفلسطيني، وعلى الأغلب تعطي لمشروع إقامة دولة فلسطينية حراكا دوليا لا يمكن تجاهله..
قد يربح اوباما اصواتا يهودية، ولكنه سيخسر مكانة أمريكا ، ودعوة الرئيس الفلسطيني محمود عباس إلى "جمعة فلسطين" في العالم العربي ، يجب النظر إليها كجزء من الانتفاضة العربية على الواقع الفاسد الذي ساد حتى الأمس ، ويتواصل في أقطار عربية عديدة لم يلحقها الدور بعد!!
يبدو أنها لغة العصر التي لا بد منها.
0 comments:
إرسال تعليق