بناء الجدار العازل أمام السفارة الإسرائيلية «استفزاز» للشعب المصري/ رأفت محمد السيد

ماحدث أمام السفارة الإسرائيلية من هدم للجدار الذي تم بناءه لحماية السفارة أمرا كان متوقعا لمن يستطيع تحليل الأمور ولديه نظرة ثاقبة لرؤية ردود الأفعال لاسيما في ظل ماتشهده مصر من أوضاع غير مستقرة بعد ثورة يناير ، فالذي أصدر قرار بناء هذا الجدار لم يتوقع النتائج التي قد تترتب على قراره وبالتالي فهو من وجهة نظري المتواضعة قرار غير مدروس مع شديد إحترامى للجهة التي اتخذت هذا القرار ، فالقرار الذي لايتوقع رد فعل الشارع لاسيما في هذه الأيام فهو بالفعل قرار خاطئ ، فكان من الممكن حماية السفارة الإسرائيلية كما حدث من قبل من خلال رجال الشرطة العسكرية إلى جانب رجال الشرطة المدنية بأعداد تستطيع مواجهة حماس المتظاهرين الثائرين الذين كانوا يتوقعون طرد السفير الإسرائيلي بالقاهرة واستدعاء السفير المصري بتل أبيب ، وإعادة النظر في معاهدة كامب ديفيد. لحين تهدئة الأوضاع على الأقل لاسيما مع إصرار إسرائيل على عدم تقديم اعتذار رسمي مكتوب عن حادث الاعتداء الإسرائيلي على حدود سيناء واستشهاد خمسة من الجنود المصريين، بل كان من المأمول مطالبة الحكومة الإسرائيلية بدفع تعويضات مناسبة عن هذا الجرم لأسر الشهداء ، الأمر الذي لم يحدث على الإطلاق بل نجد على العكس من يصدر قرار ببناء جدار أمام السفارة الإسرائيلية "لحمايتهم "من مظاهرات سلمية تعلن عن غضبها وكراهيتها لهؤلاء القتلة ، وأقصى مافعلوه هؤلاء المتظاهرون هو إنزال العلم الإسرائيلي من فوق السفارة وحرقه تعبيرا عن حالة الغضب التي يشعرون بها من تهاون الحكومة المصرية في اتخاذ إجراءات تعكس صورة مصر الجديدة بعد الثورة المجيدة التي لم تؤثر في أسلوب الحكم للبلاد حتى هذه اللحظة ، والسؤال المحير الذي يدور في أذهان أغلب المصريين - لماذا لم تعلن الحكومة وبكل صراحة وشفافية عن أسباب عدم اتخاذ خطوة حاسمة للرد على هذا العدوان الإسرائيلي الغاشم عقب حادث الاعتداء الإسرائيلي على حدود سيناء ؟ ولماذا نكرر سيناريوهات العهد البائد حتى الآن كلما انتهكت إسرائيل حقوقا مصرية ؟ كان يجب استثمار هذا الحدث " الاعتداء الإسرائيلي على حدود سيناء" أفضل استثمار لتعرف إسرائيل معنى احترام السيادة المصرية بعد الثورة ، كان يجب على الحكومة المصرية إصدار قرار بسحب السفير المصري من تل أبيب فورا ــ كخطوة مبدئية على الأقل ــ للتشاور؟ ولكن للأسف لم ولن يحدث مانتمنى لأن أسلوب الحكم مازال يدار بنفس الأسلوب القديم ، وبنفس الفكر، فالمدرسة واحدة – أما الغريب في هذا السياق فإن حقوقنا التي نفرط فيها بمنتهى السهولة قد تنقلب حقوقا لصالح العدو الإسرائيلي بصورة مضحكة فالكل يعلم أن مصر قد تضطر إلى إعادة العلم الإسرائيلي إلى مكانه ودفع تعويضات عن الخسائر التي لحقت بمقر السفارة طبقا للقوانين الدولية.. وهذه من الأمور التي تعجز الحكومة عن شرحها للشعب، تاركة له العنان لتنفيس الغضب. ولا تطالب في مقابل ذلك بالمشاركة في التحقيق وطلب دفع تعويضات عن خسائرها في الأرواح ، وأنا ضد أية تجاوزات لاسيما التي أقرتها الأعراف والقوانين الدولية لاسيما في حماية الرعايا الأجانب ومؤسساتهم ، فالمليونيات والمظاهرات قد تكون بالفعل سبيلا مشروعا للتعبير عن الغضب، ولكن تجاوز الحدود فيها قد يؤدى إلى ابتذال القضية وتضييع الحقوق بنفس القدر الذي يؤدى فيه الصمت والتهاون إلى نفس النتيجة. وهنا لابد لنا من وقفة ضرورية نرفع فيها القبعة للحكومة التركية ورئيس وزرائها هذا الرجل الأردوغانى الذي أصبح حديث العالم كله لموقفه ضد إسرائيل لحفظ كرامة أبناء وطنه ، فهل دماء وكرامة المواطن المصري أرخص من دماء وكرامة الموطن التركي ! كان ينبغى على الحكومة المصرية مع الإعلان عن مظاهرة الشواكيش أمام السفارة الإسرائيلية أن تقوم بتأمين السفارة ليس بالأسوار ولكن بالأفكار وجدية الحوارالتى تهدئ من ثورة وحماس الشباب الثائر لكرامة بلده ، كان عليها تأمين السفارة بالرجال والعتاد وترك الشباب يتظاهرون كيفما يشاءون مادامت المظاهرة سلمية محاطة بكردونات أمنية سامحوني فمازلنا نتعامل مع الأحداث بعشوائية ، وببطء شديد ، على الرغم من مصر مليئة بعقليات فذة لها مكانتها وفكرها المتميز في إدارة الأزمات ، فما زلنا حتى هذه اللحظة لم نتعلم فن إدارة الأزمات واحتواء الأمور المشتعلة ، بل إن مايحدث هو قرارات تصنع أزمات ، فبناء الجدار كان بمثابة إثارة واستفزاز لمشاعر الشعب المصري وهذه هي الحقيقة التي يجب أن نقرها ونعترف بها – لذلك لابد أن تراجع الحكومة المصرية نفسها وبمنتهى الشجاعة ، لابد أن تطرح الحكومة المصرية سؤالا هاما يقول "متى نتعلم إدارة الأزمات حفاظا على مصر وأمنها ورجالها ؟ "
 – حفظكِ الله يامصر وحفظ شعبك العظيم .

CONVERSATION

0 comments: