من اختطاف النائب عطون .. الى إحراق مسجد النور/ راسم عبيدات


.... جرائم الاحتلال ومستوطنيه بحق شعبنا الفلسطيني ممتدة على طول وعرض جغرافيا فلسطين التاريخية،وهي تستهدف كل شيء يمت للوجود الفلسطيني بصلة بشر وحجر وشجر،وتلك الجرائم تجري تحت سمع وبصر المتشدقين بالديمقراطية وحقوق الانسان والقوانين والاتفاقيات الدولية،التي بسبب دعمهم وحمايتهم لاسرائيل في المحافل والمؤسسات الدولية من أية عقوبات أو قرارات قد تتخذ او تصدر بحقها وبحق قادتها وجنودها المرتكبين لتلك الجرائم،تسيد وتميد وتواصل ارتكاب تلك الجرائم فهي دولة فوق القانون الدولي،كيف لا؟ والعديد من دول أوروبا الغربية والتي لا ترى الامور الا بعيون اسرائيلية امثال بريطانيا واسبانيا والمانيا وغيرها عدلت قوانينها وتشريعاتها القضائية من أجل منع اجازة اعتقال قادة وجنود الاحتلال الزائرين لتلك الدول من الاعتقال بسبب رفع مؤسسات حقوقيه قضايا عليهم بتهم ارتكاب جرائم حرب،ونحن رأينا عندما قامت اسرائيل باعتقال نواب القدس المنتخبين ووزير شؤون القدس السابق تحت يافطة وعنوان انتمائهم الى تنظيم"ارهابي"وعدم الولاء لدولة الاحتلال،ذلك القانون القراقوشي الذي لم يشرع مثله حتى في القرون الوسطى،أن يطلب من الشعب المحتل أن يعلن ولاءه لدولة الاحتلال،وأن يعتبر وجوده في بلده وارضه ومدينته غير شرعي،ورغم أن دول الغرب الاستعماري تعتبر القدس دولة محتلة فهي لم تبادر الى ادانة واستنكار هذا القرار الاسرائيلي،ولم تطالب اسرائيل باحترام القانون الدولي،وهي من تشجع اسرائيل على خرقه،ففي هذا الجانب الكل يذكر كيف تواطئت وشاركت بريطانيا وأمريكا مع حكومة الاحتلال الاسرائيلي في عملية اقتحام وهدم سجن اريحا في 14/3/ 2006 واعتقال القائد احمد سعدات امين العام الجبهة الشعبية ورفاقه،رغم انه مسجون في سجون السلطة الفلسطينية بإشرافهما،وأيضاً اسرائيل لا تكتفي بحصار شعبنا في قطاع غزة،بل قامت بعملية قرصنة وبلطجة ضد اسطول الحرية في عرض البحر وفي المياه الدولية،حيث اقتحمت السفينة التركية مرمرة وقتلت واصابت العشرات من المتضامنين عليها،وصمت الغرب الاستعماري على تلك الجريمة والتي هي جريمة حرب بامتياز،وابعد من ذلك التمس العذر لاسرائيل في جريمتها بأنها تدافع عن نفسها،ولذلك لا نستغرب ولا نتفاجأ من الجرائم التي يرتكبها الاحتلال بحق شعبنا حيث سوائب مستوطنية تمارس كل يوم الجرائم بحق شعبنا المدعومة ومغطاة بقرار سياسي وتشريعي،وتأييد من الحكومة والكنيست.

وبالعودة لاختطاف النائب عطون،فعملية اختطافة جريمة جديدة تضاف الى جريمة سابقة من نفس الصنف،فقد سبق وأن اعتقلت رفيقه النائب محمد ابو طير والذي لم يمضي على تحرره اكثر من شهرين من سجون الاحتلال حيث جرى اعتقاله من بلدته ام طوبا المقدسية في شهر حزيران،لمدة قاربت الستة شهور ومن بعدها جرى ترحيله قسرا الى رام الله في أواخر عام 2010،وليعاد اعتقاله إدارياً مرة اخرى في شهر ايلول الفائت.

فرعنه اسرائيل وتماديها وعنجهيتها وغطرستها ليس لا حدود او ضوابط حيث لا تستخف فقط بنا كفلسطينيين وعرب،بل وبمؤسسات المجتمع الدولي والمفترض ان تتمتع بالحماية والحصانة،فنحن راينا في الحرب العدوانية التي شنتها اسرائيل على قطاع غزة في أواخر عام 2008 ،كيف قصفت اسرائيل المقرات الدولية ودمرتها وقتلت الأبرياء بداخلها،ولذلك ليس بالمستغرب ما قامت به وحدات المستعربين من عملية اختطاف للنائب عطون من مقر الصليب الأحمر بالقدس،والذي يعتصم فيه النائبين عطون وطوطح ووزير شؤون القدس السابق ابو عرفه منذ اكثر من 458 يوماً،وبالتالي يشكل اعتقال النائب عطون بالشكل والمكان الذي حصل فيه،جريمة مضافة الى جريمة قرار الإبعاد،وتجاوزاً للأعراف التي تحمي النواب من الاعتقال،وتعدياً صارخاً على "الصليب الأحمر" كهيئة انسانية دولية،وانتهاكاً لاتفاقية جنيف الرابعة لعام 1949،ودليلاً على مدى الإجرام والعنصرية التي وصل اليها الاحتلال،وهذا كله يمنح المؤسسات والحركات والمنظمات والحكومات والشخصيات المدافعة عن حقوق الإنسان عموماً،وحق المقدسيين بالعيش الكريم خصوصاً،مادة جيدة للضغط على الاحتلال وتعريته أمام الرأي العام،ولتحويل قضية المبعدين الى" قضية إنسانية عادلة" تثقل كاهل سلطات الإحتلال التي أقدمت على هذه الجريمة.

عملية إحراق مسجد النور في بلدة طوبا الزنغرية في الداخل الفلسطيني ليست بالعملية الأولى،فقد سبقها قيام مجموعة ما يسمى"بجباية الثمن" من غلاة المستوطنين المتطرفين بحرق أكثر من مسجد في الضفة الغربية تحت ذريعة الرد على إخلاء بعض البؤر والكرفانات الإستيطانية،ففي إطار ما يسمى بالرد على إخلاء بؤرة"معاليه عاين" أقدم المستوطنون المتطرفون على احراق مسجد في قرية المغير قضاء رام الله في 6/6/2011،وكذلك الأمر على خلفية مشابه،أقدمت عصابات المستوطنين على حرق مسجد قصرة قضاء نابلس في 5/9/2011 رداً على إخلاء البؤرة الإستيطانية "مجرون" وفي تلك العمليتين جرى كتابات شعارات على المسجدين تحرض وتسيء للعرب والمسلمين وديانتهم.

وعمليات الحرق وزعرنات المستوطنين وعربداتهم وجرائمهم ليست عفوية او معزولة وتأتي في وسياق الرد على إخلاء بعض " الكرفانات الإستيطانية"،بل هي تأتي في سياق عمل منظم تقوم به خلايا ارهابية من المستوطنين على مستوى عالي من التدريب والتنظيم وتتصرف بسرية وهي تلقى دعم ومساندة من اوساط عسكرية وسياسية وحاخامية.

ومن هنا فعملية حرق مسجد النور في قرية طوبا الزنغرية في الداخل الفلسطيني تحت ذريعة الرد على مقتل مستوطن وابنه،هي ليس كذلك بل هي من أجل ترويع اهلنا وشعبنا هناك والانتقام منهم وكسر ارادة صمودهم وبقائهم فوق ارضهم،فبقدر ما تتنامي العنصرية والفاشية ضدهم،بقدر ما يتصاعد ويتنامى الشعور والحس والوعي القومي والوطني عندهم .

وعملية استهداف مسجد النور في قرية طوبا الزنغرية ليست الأولى،التي تعرض لها أهلنا هناك،فهناك عشرات العمليات الارهابية التي طالت البشر والشجر والحجر،فقد سبق حرق مسجد النور،محاولة إحراق كنيسة البشارة في الناصرة،ومسجد حسن بيك في يافا،وجامع البحر في طبرية،ومسجد في الحليصة،وآخر في ابطن،وغيرها عشرات الاعتداءات الارهابية على الأماكن المقدسة الاسلامية والمسيحية،وحتى القبور والمقابر لم تسلم من تلك الاعتداءات الارهابية.

اذا هنا كما قال الرئيس الفلسطيني في خطابه امام الجمعية العامة،هذه ليست حوادث فردية او عفوية ومعزولة،بل هي ارهاب منظم وهو ايضاً ارهاب دولة في الكثير من المرات يتسامح ويتستر عليه "الشاباك" وبموافقة ضمنية من الجهات العليا.

CONVERSATION

0 comments: