التبادل والأسيرات: العذر الأقبح من ذنب/ عطا مناع

كثر الحديث عن صفقة التبادل التي أبرمتها حركة حماس مع دولة الاحتلال الإسرائيلي وأفرجت بموجبها عن 450 أسير فلسطيني نكن لهم كل الاحترام والتقدير لأنهم أفضل منا جميعاً بالرغم أن شعبنا تواق للإفراج عن الأسرى جميعاً ولكن هذه هي الحياة والواقع الذي لا نستطيع أن نهرب منة.
الوجع الذي يعتصر القلب أن الصفقة أعطت الأمل الكبير لعدد كبير من عوائل الأسرى، وخاصة عندما خرج علينا رئيس المكتب السياسي لحركة حماس خالد مشعل بخطابة"الوحدوي" الذي قال فية أن لا فرق بين أسير وأسير، لكنني أيقنت وأنا اسمع مشعل أننا بصدد مشكلة كبيرة وخاصة أن هناك اسري فلسطينيين قرروا الإضراب عن الطعام حتى النهاية، وبالتالي استطاعت الصفقة اخذ الأضواء ليصبح الإضراب المجيد خبراً ثانياً في وسائل الإعلام، إلا أن المراهنة على صلابة الذين يخوضون الإضراب للأسبوع الثالث على التوالي استوعبت الحالة.
المزعج في الأمر ان المفاوض شرع الفصائليه في صفقة التبادل، وبما أننا نعيش حالة انقسام خطيرة فقد انعكست حالة الانقسام هذه على الصفقة وبالتحديد على الأسيرات الفلسطينيات في سجون الاحتلال التي قال مشعل وقيادات حماس أن صفقة التبادل شملت كافة الأسيرات الفلسطينيات ليتضح لنا أن المفاوض الحمساوي لا يعرف بواقع الحركة الأسيرة.
هي الخيبة التي سيطرت على المشهد؟؟؟؟ الخيبة أن مقاومتنا تتعامل مع أسيراتنا كأرقام!!! وهذا يعني أن شعاراتنا كلها كلام في كلام، وان المقاومة عاجزة حتى عن معرفة أسماء أسرانا!!!!! وان سقوط أسماء ثمانية أسيرات من الصفقة يبعث بالغثيان إلى النفس؟؟؟؟ وان من حق أهلنا في الداخل الفلسطيني المحتل الشعور بالخيبة من هذا الأداء، وان ورود ولينا وخديجة من الداخل الفلسطيني المحتل و حنان وسعاد من قلقيليه
وبشرى وفداء ومنى هي أسماء سقطت من حسابات المفاوض الذي اثبت أنة مفاوضاً بائساً في هذه الجزئية؟؟؟ وعلينا أن نعترف أننا أمام كارثة حقيقية، والكارثة لا تكمن في آن أسيرات فلسطينيات لا زلن خلف القضبان، فالكارثة تكمن في المبدأ والأداء السياسي الفلسطيني الذي ظهر جلياً في هذه الصفقة وبالتحديد بالجزء المتعلق بقضية الأسيرات.
هي الفئوية التي لا زالت تلقي بظلالها على المشهد الفلسطيني، الفئوية التي أوجدت لنا الانقسام، والفئوية التي قسمتنا إلى ضفاوي وغزاوي حتى في القضايا الوطنية والإنسانية كقضية التبادل، وهي الفئوية التي أبقت عمداء الأسرى داخل سجون الاحتلال، والفئوية التي أسقطت الأسيرات الفلسطينيات من حساباتنا، والفئوية شكلت المقتل لإضراب الأسرى الذين يخوضون الإضراب المفتوح عن الطعام لأكثر من ثلاثة أسابيع في ظل ظروف غير مسبوقة.
الفئوية والمصالح الضيقة شرعت الإبعاد عن الوطن باسم الوطن، والمصيبة أننا نحتفل بفئويتنا وإخفاقاتنا ونعلن أننا انتصرنا، لا .... إنها الهزيمة الفكرية والايدولوجيه، نطالب بفلسطين من نهرها إلى بحرها ونشرع الإبعاد، نطالب بفلسطين من نهرها إلى بحرها ونحن عاجزين عن إدارة كيان في الضفة الغربية وقطاع غزة!!!! ونتفاخر بإطلاق سراح الأسرى من سجون الاحتلال وسجوننا مثقلة بالمعتقلين السياسيين!!!! تتغنى بحقوقنا الوطنية ونمر عن خيام الاعتصام كأنها لم تكن.
نعتز بأسرانا الذين سيحررون في الأيام القادمة، وضيق الأفق من يعتقد بغير ذلك، وخاصة أن المشهد الفلسطيني مغرق بالفئوية، ولو كان غير ذلك لكان الانجاز اكبر، وكنا قد احتضنا العشرات من الأسرى القدامى، ولكانت حركت حماس حصلت على قائمة بأسماء الأسيرات كل الأسيرات من وزارة الأسرى في الضفة الغربية، ولكنا تجاوزنا هذا المأزق الخطير الذي سيفتح أبواب جهنم على من يعتقدون أنهم يعرفون.
رئيس المجلس التشريعي عزيز الدويك حاول إقناعنا بأنة يعرف عندما اتصل هاتفياً بعائلة سعدات والبرغوثي وتطوع على غير علم بالإبلاغ إنهما ضمن الصفقة!!!! والمفاوض الفذ لم يستطع انتظار المعركة التي يخوضها نخبة الأسرى وقرر أن ينجز الصفقة ليصبح الإضراب الخبر الثاني والثالث ولتنشغل عوائل الأسرى في الأسماء والقوائم والتحضيرات وحالة الشتم التي لها أول وليس لها أخر!!!!
لقد أدخلونا في حلقة جديدة من الخطاب والخطاب المضاد، فالسيد احمد بحر ينتقد السيد رياض المالكي ورياض المالكي يرد علية، وأصحاب الصفقة يقولوا أن مطالب الأسرى المضربين عن الطعام لتفق عليها متناسيين أنهم خلقوا حالة إرباك في الشارع الفلسطيني وصفوف وصفوف الأسرى!!!!! غير أن الملاذ الوحيد لكرامة الأسرى في معركتهم ليس توقيت الصفقة الذي اعتقد أنة سيء ، وإنما في المناضلين الذين قرروا المضي في معركتهم حتى النهاية، هذه رسالة الأمين العام للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين احمد سعدات ورفاقه، ماضون في الإضراب حتى تحقيق كافة مطالبنا.
سعدات لم يعول على أن يكون في الصفقة، ولو كان كذلك لما قاد معركة الإضراب رغم إدراكه لخطورتها بسبب الأوضاع الفلسطينية التي تعبر عن انهيار واضح، حتى منظمة التحرير التي يعتبر سعدات ركيزة أساسية لها تقاعست عن الوقوف إلى جانية، والمصيبة أن البعض ذهب لانتقاد الإضراب من حيث التوقيت ووصفة بالفئوية على اعتبار أن الجبهة الشعبية أخذت على عاتقها المبادرة، متناسين أن سعدات ورفاقه يخوضون مأئرة غير مسبوقة في تاريخ الحركة الوطنية الأسيرة، مأئرة قد تكلفهم الكثير على الصعيد الإنساني والشخصي لكنهم قرروا أن الإنسان قضية وان الإنسان موقف بعيداً عن الفئوية والمصالح الضيقة وتقسيم الكعكة الغير موجودة.
عيوننا تتجه إلى أسرانا الذين يخوضون معركة الكرامة، علينا أن نخجل من أسيراتنا وأسرانا بعض أن فضح أمرنا الذي لا يمكن تبريره بعد الخطابات النارية وعلى رأسها خطاب السيد مشعل مما يؤكد أن الأسرى لوحدهم في معركتهم المصيرية التي بالتأكيد سينتصرون فيها لا محالة، ولا بأس من اختلاط المشاعر بين فرحة الإفراج وألم الإضراب عن الطعام، اختلاط المشاعر يأتي من التخوف أن نستقبل شهداء عزيزين على قلوبنا.

CONVERSATION

0 comments: