ازدواجية خطاب الجامعة العربية من الازمة في سوريا/ خليل الوافي




يبدو ان الجامعة العربية ما تزال تتعامل بعقلية الماضي .رغم مظاهر الحياة الجديدة التي دشنتها ثورة الربيع العربي الذي غير جملة وتفصيلا صورة المشهد السياسي العربي .وقطع الطريق مع مخلفات الماضي السحيق في الضحك على الذقون .وممارسة اشكال المراوغة التي عهدناها في كثير من المواقف والتصريحات التي لم تخرج عن نطاق السياسة القائمة في النظام العربي وامام شعوب وجدت نفسها مكبلة بسياسة سلطة قمعية .لا تضع مجالا للشك في طمس الحقائق .والغياب التام للمواقف الصريحة والمسؤولة تلبي مطالب الشعوب .واتخاذ اجراءات حاسمة .تخدم القضايا المصيرية التي ما تزال عالقة رغم مروراكثر من ستين سنة على طرحها في جملة المؤتمرات والمنتديات الدولية دون ان تعالج بشكل نهائي ومفصلي .وبقيت تداعيات هذه النتائج تخيم بظلالها على القرارات اللاحقة .وقد مرت احداث عصيبة على الامة العربية والاسلامية .ولم تاخذ دورها الرئيسي في ترجمة طموحات الشعوب على ارض الواقع .والتدخل لفك النزاعات الاقليمية .وخاصة القضية المشتركة التي تتمثل في الصراع العربي الاسرائيلي الذي يعتبر حلقة الوصل لجل الهزائم المتتالية .والنكسات التي اصابت الشارع العربي بالاحباط التاريخي .والذي لم يعد يحتمل اكثر.._
وهاهي الجامعة اليوم تمارس سلوكها القديم في ما يجري داخل سوريا من انتهاكات لحقوق الانسان .وهي تحاول ارسال رسالة مفادها .انها تقوم بدورها على احسن وجه .وتفاوض من موقعها الضعيف للحيلولة دون تدخل عسكري مرتقب .وتعطي مزيدا من الوقت للنظام البعثي في قتل المدنيين .وتتلاشى فرص احتواء الازمة في ظل سياسة القتل الممنهج ..
ان اللجنة الوزارية التي ذهبت الى دمشق يوم الاربعاء الماضي .عادت خاوية الوفاض .وملامح تنذر بخطورة النوايا النظام المعلنة والخفية .وتبادل المجاملات والالقاب الضخمة التي لا تقدم ولا تؤخر .والشعب السوري يقتل كل لحظة امام انظار العالم .ولا احد يتحرك في تجاه وقف نزيف الدم .وحماية المدنيين .واتخاذ خطوات جريئة وحاسمة لانقاذ ما يمكن انقاذه بعيدا عن الحسابات السياسية الضيقة
وساد احباط كبير في اوساط المتتبعين .والمواطنين .وكل احرار العالم .ولم يرق الى مستوى الشعوب المقهورة على امرها .وكان الاعتقاد السائد ان الجامعة العربية بعد هذه الاحداث التي دشنتها تونس ومصر وليبيا .ستغير في موقفها وعقليات الانظمة العربية التي ما تزال تفكر بمنطق القديم .وهذا يضر بمصالح الشعوب .ويعطي انطباعا ماساويا عن مواقف جامعة الدول العربية التي لم تستفد من التحولات التي شهدها المشهد السياسي والفكري خلال بداية هذه السنة
وامل الكثيرين ان تكون للجامعة اليد الطولى في صناعة قرارات حاسمة وحيادية دون اعتبارات سياسية ضيقة تخدم مصلحة البعض على بقية المجموعة العربية .ولهذا بات من الواضح من الان تغير الجامعة من سياساتها .وتعد نفسها لخوض معركة التحدي من اجل بقائها .واشعاعها في نصرة المظلوم .واعطاء الحق لصاحبه .وتوسيع دائرة المصالحة مع جميع المصالح والمكاتب التي تتوفر عليها الجامعة في كل قطر عربي واجنبي .وتحرك سياسة تفعيلية .لهذه الفروع التي لا تمثل حقيقة دورها .ولاتمثيليتها الحقيقية في التعريف بالقضايا العربية .والصراع المرير مع الاحتلال الاسرائيلي للاراضي الفلسطينية.واعطاء الضوء الاخضر لاعلام الجامعة بان يقوم بدوره الرئيسي في تصحيح ما افسده الاعلام الغربي حول قضايا الارهاب .وسياسة امريكا المنحازة دائما لحليفتها الاستراتيجية اسرائيل .والراعي لمصالحها .والعناية الخاصة التي توليها الادارة الامريكية لها .ومحيطها الاقليمي ..
اننا نعيش فجوة عميقة بين الخطاب السياسي الرسمي .وبين وقائع حية على الارض .وهذا الشرخ في معيارية المواقف يجعل فكرة الثقة غير مطروحة بتاتا في ظل انكماش الشعب الى الوراء .وانظمة تبدو في الواجهة تصنع ما تشاء بمصير شعوبها .وهي بذلك تؤكد انها لا تعنيها مصلحة الشعوب لا من بعيد ولا من قريب وان الامر يدخل في سياسية ضيقة .تحافظ على حميمية القرابة بين توجهات الدولة في ما بينها .لانها تغرف من المعين نفسه .فكيف لها ان تنظر بعين الرحمة لما يجري لشعب اعزل تمارس في حقه ابشع مظاهر القتل والتنكيل .وهنا استحضر منظمة حقوق الانسان والامم المتحدة في حماية المدنيين والقوانين في هذا الشان واضحة وصريحة ويعرفها الكل .واذا كان الامر يتعلق بدولة غير عربية او اسلامية لتحرك المجتمع الدولي بسرعة لافتة لحماية المدنيين الذين لا يتكلمون اللغة العربية ويدينون بدين الاسلام
وهنا تظهر خطورة تواطؤ المجتمع الدولي حيال ما يجري في سوريا خوفا من اندلاع حرب اهلية .وضياع مصالح الغرب في المنطقة .وبالدرجة الاولى حماية امن واستقرار اسرائيل من اي تدخل دول الجوار في صراعات قوية لا يمكن التنبؤ بنتائجها التي تضع المنطقة على حافة الهاوية .واصبح الفكر السائد حول مصداقية الجامعة العربية في معالجتها لقضايا راهنة بالمستوى المطلوب تعكس الطابع الايديولوجي والذي يتسم بالهشاشة التي تتجه نحو امتلاك معرفة لحقائق الواقع .واعادة انتاجها .وبذلك نكون امام خطاب سياسي يعيد نفسه وينتج اخطاء الامس
واقع الثورة يجري من داخل سوريا .والقرارات المتخذة تجري في واد اخر يصب في اطار اهتمامات الدول العربية التي تعاني من ازمة ثقة في ما بينها .وتضارب المصالح يغلب عليه توحيد الرؤى والمواقف في ترجمة المبادرات الى حقائق ملموسة تنقذ وجه العربي من شماتة الاخر _ العدو .ونحن اليوم ننتظر اخر المحاولات حيث ان يوم الاحد المقبل قادم لا محال لاختبار نوايا النظام .وقرارات الجامعة

CONVERSATION

0 comments: