الثورات العربية لم ترق الى مستوى طموحات الشعوب/ خليل الوافي


سقط الحكام .وظلت الانظمة تعمل في الخفاء تتحكم في دواليب الحكم.وتفرض هيمنتها السياسية في وقت كان فيه الحميع يعتقد ان الثورة العربية حققت جانب مهم من اهدافها.وقطعت الطريق على انظمة بائدة شغلت هموم الناس واثرت سلبا على مسار حياتهم اكثر من نصف قرن.وعندما ثار الشارع العربي ضد انظمته الاستبدادية في المطالبة بالتغيير.وتحقيق العدالة الاجتماعية.والعيش الكريم.وطي صفحة الماضي الفاسد.والتطلع الى مستقبل جديد يؤهل ابناء الشعوب في الحياة المشرقة.وتاهيل مؤسسات الدولة في تطبيق مضامين الديمقراطية في الحياة السياسية والاجتماعية والاقتصادية.وعلى كافة مناحي الحياة الانسانية التي تتطلبها ثورة التغيير في صلب السلطة التي تحقق الامان والرخاء.والاستقرار الاجتماعي بكل تداعياته. التي تفرضها اية مرحلة انتقالية في الحياة العامة لهذه الشعوب المقهورة .التي ماتزال تعاني الامرين في ظل ثورة لم تظهر ملامحها الواضحة في مسرح الاحداث.ولم تشف اجيال كاملة غليلها من فسحة الانفراج السياسي في خطاب السلطة القديم .الذي يراوغ بشتى الاشكال.وانماط التلاعب السياسي.والنفوذ الضارب في اعماق الحياة السياسية الفاسدة.ومظاهر القمع المبطن في سلوك العديد من المؤسسات التي لم تصلها رياح التغيير رغم تنحي اكثر من رئيس وسقوط رموز هذه الدول التي كانت جائمة على صدور شعوبها...
والمتطلع الى هذه الدول التي حصلت بها ثورة الربيع العربي.نجدها لم تتحدد بعد الملامح الكبرى لنجاح هذه الثورات.بل هناك جهات نافذة وذات ثقل سياسي واقتصادي تحاول جاهدة العودة الى الوراء.واعتبار ما حصل في هذه البلدان احتجاجات قوية اسقطت عمالقة الحكم العربي في التوريث الحكم والنظم على قلوب شعوب محرومة من ابسط مقومات الحياة.وهذا التوجه في الالتفاف على الثورة.والتقليل من اهميتها .وحرص اطراف قوية في ضبط ايقاع الحياة السياسية في هذه البلدان.وخاصة في مصر التي تحارب فيها الثورة من اكثر من جبهة .لكنها تبدو صامدة امام التيارات الرجعية التي تحاول ان تبقى البلاد في سابق عهدها رغم تنحي مبارك.وتاكيد ان هذه الفوضى التي يعيشها الشارع العربي اعتبارها سحابة صيف عابرة سرعان ما تعود الامور الى طبيعتها الاولى.وان عمر الثورة قصير لا يمكن ان تواصل مقاومة اشكال المضايقات.والتماطلات.والانفلات في اتخاذ قرارات سياسية عميقة تغير خريطة المشهد العربي الجديد.وتعطي انطباع اخرعن الثورة في ابعادها الاصلاحية.وتاسيس خطاب سياسي يعطي احقية السلطة الشعبية في تقرير مصير مواطنيها.والرجوع الدائم الى ارادة الشعب في التغيير والاصلاح.وقد مرت اكثر من ثمانية شهور على انفجار الثورة العربية.واستبشر كل عربي بان الواقع العربي سيعرف تحولات كبرى في مسار حقوق الانسان.والعدالة الاجتماعية.واستقلالية القضاء.واعطاء الفرصة للجميع في الانخراط ضمن المسلسل الاصلاحي الذي جاءت الثورة تبشر به وتدعمه.....
لم يكن احد يتوقع ان تحدث هذه التوراث في هذا الوقت بالذات.لان الانظمة كانت تطوق المشهد السياسي باسالبها القمعية المعروفة.ومتمسكة بزمام الامور في كل صغيرة وكبيرة.وتحكم سيطرتها في مؤسسات الدولة.وبسط نفوذها في كل مكان.لكن رياح التغيير فاجات الجميع.وصدمت انظمة برمتها.والتي لم تتوقع هذه الاحتجاجات والمظاهرات ان تتحول مع الايام الى ثورة شعبية بالمعنى الاصطلاحي للكلمة.وهذه ضربة قوية لسياسة السلطة الواحدة التي تتحكم في مصير امتها طوال سنوات الظلم والحيف...
ان اعداء الثورة فئة قليلة.لكنها تملك من مقومات القوة المادية والنفوذ السياسي .والضغط على دول صديقة.ومتحالفة معها تنهج نفس النهج السلطوي والاستبدادي في حق شعوبها.وتساندها بكل الوسائل للقضاء على ما تسميه فئات من الشعب التي تتظاهر.و التي لا تعرف قيمة الخسائر التي تترتب عن هذه الوقفات الاحتجاجية في تعطيل الحياة العامة لاقتصاد البلد.وتهديد اقتصادياتها نحو الانهيار.وزعزعة مستقبل البلاد.والتربصات التي تهدد استقرارها.والخروج من حالة عدم وضوح الرؤية السياسية لمستقبل هذه البلدان التي لم تحقق حتى الان اية ملامح واضحة تفرز بوضوح مدى مصداقية هذه الثورة العربية في ترجمة طموحاتها على ارض الواقع...
وياتي التحالف الدولي في مقدمة التحالفات التي تعتمد عليها امريكا مع هذه الانظمة الاستبدادية.لانها الشريك الاقتصادي في خدمة مصالح الغرب في منطقة تزخر بالنفط.وممرات ا ستراتيجية بحرية . وقواعد عسكرية.وتبعية اقتصادية وسياسية في فرض هيمنتها على منطقة الشرق الاوسط وشمال افريقيا.وهذه الاطماع كانت وماتزال قائمة عبر التاريخ والصراع الطويل مع الاستعمارالاجنبي.وهذا التوجه في التعامل الذي تنهجه الادارة الامريكية في الحفاظ على مصالحها الكبرى في المنطقة.وهذا يعرفه الجميع عن سياسات البيت الابيض في ظل الصراع العربي-الاسرائيلي التي تتحكم فيه الولايات المتحدة الامريكية.وحلفائها لحماية مصالح اسرائيل من اي تهديد عربي مرتقب.
وكل ما يجري الان في سوريا واليمن.وقضية العضوية في الامم المتحدة التي قدمها الوفد الفلسطيني.وعدم التدخل في توقيف نزيف الدم في دمشق وصنعاء خير مثال على النهج العام الذي تمارسه الادارة الامريكية في حق الشعوب العربية.والحقد التاريخي باعتبار ان كل عربي هو مشروع ارهابي.وبخلاف ذلك لو حدث مثل هذا الذي يجري الان في سوريا في دولة اجنبية لتدخل حلف النيتو.ومارست الامم المتحدة ضغوطها لحماية المدنيين في هذا البلد او ذاك .و الذي لا يتكلم اللغة العربية_بطبيعة الحال]_......

CONVERSATION

0 comments: